بقلم - عائشة سلطان
ماذا يريد ترامب من كل هذا الضجيج الذي يثيره حول التشكيك في نتائج الانتخابات؟ هذا ما يتساءل عنه العالم وأولهم الصحافيون في الولايات المتحدة، فسلوك الرئيس ترامب يبدو كعادته انفعالياً وأقرب للاستعراض، كما أنه مقتنع تماماً بوجود مؤامرة حيكت ضده!
إن تشكيك ترامب في نتيجة الانتخابات، وإعلانه عدم تسليمه السلطة جاء قبل الدخول في عملية الانتخابات، وقبل أن يدلي الأمريكيون بأصواتهم، فقد رمى بهذه الورقة التشكيكية في أول مناظرة حدثت بينه وبين المرشح الديمقراطي (يومها) جو بايدن، وكأنه كان يجهز المسرح سلفاً لكل المناورات التي يقوم بها وفريقه من الجمهوريين اليوم!
ورغم أن «مجلس تنسيق البنية التحتية الحكومية للانتخابات»، وهي مجموعة منضوية في هيئة أمن الانتخابات الفيدرالية الأساسية «وكالة الأمن الإلكتروني وأمن البنى التحتية»، قد أعلنت أنه لا دليل على وجود تزوير من أي نوع، فإن ترامب والجمهوريين جميعاً مصرُّون وغير قادرين على تقبل الهزيمة (حتى هذه اللحظة)!
وفي الحقيقة، فإن ما يحدث في الولايات المتحدة اليوم يتجاوز كونه تفعيلاً للأدوات الديمقراطية السياسية (عبر تقديم الطعون والشكاوى وإعادة فرز الأصوات وغيرها)، إن ما يفعله الجمهوريون هو التشكيك في آليات النظام الديمقراطي الأمريكي بأكمله، هذا النظام الأكثر صلابة وتعقيداً بين الأنظمة الديمقراطية على مستوى العالم.
هناك محاولة لتسميم الفكرة الثابتة حول الديمقراطية الأمريكية نفسها، بحيث يسهل تخيُّل اختراقها والتلاعب بها، واستغلال أوراق ملايين الأموات والسجناء للزج بأصواتهم في صناديق البريد، وكأننا في واحدة من دول وسط أفريقيا أو إحدى جمهوريات المخدرات في أمريكا اللاتينية، وهنا في المدى المنظور، وفي ولاية ترامب يتحقق ضرب مبدأين رئيسيين ترتكز عليهما الإمبراطورية الأمريكية: الحرية والديمقراطية!
وماذا بعد؟ ما الذي يخفيه ترامب للأيام المقبلة؟