بقلم - عائشة سلطان
أين اختفى إعلامنا العربي؟ مَن سرق دور الإذاعة الحقيقي، ودور التلفزيون والصحيفة؟ تلك الأدوار التوعوية والتنويرية والتثقيفية التي تجعل الفرد منتمياً بقدر امتلاكه الوعي والاهتمام بقضايا وطنه وأمته؟كيف كان مذيع عربي يهز أقطار الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه في ستينيات القرن الماضي، وكيف كانت قنواتنا التلفزيونية تزخر بالمذيعين والمذيعات من أصحاب القدرات الرفيعة والتأثير والثقافة العالية، بالرغم من أن معظم دولنا كانت تصطف يومها فيما كان يطلق عليها طوابير العالم الثالث والدول النامية؟
كيف قدمنا يومها إعلاماً مؤثراً وفناً حقيقياً ونظيفاً، فنانين من طراز رفيع لا نزال مرتبطين بهم رغم رحيلهم منذ سنوات طويلة؟ ولماذا عجزنا عن تقديم أو إنتاج هذا النوع من الإعلاميين والفنانين اليوم؟
ليس على صعيد الإعلام والفن فقط، فحتى مدننا كانت أفضل المدن، وجامعاتنا من خيرة الجامعات، فجامعة القاهرة كانت تستقطب كبار الأساتذة والفلاسفة والطلاب للتدريس فيها والدراسة. كانت المكتبات منارات حقيقية، وأسماء الكُتاب والعلماء والمفكرين تموج في ممرات وقاعات الدرس والدراسة، في القاهرة كما في بغداد وبيروت وغيرها، أين ذهب ذلك المشروع العربي التنويري العظيم؟ لا أتحدث عن أيديولوجيا وسياسة، لكن عن حركة مجتمع وعلماء ومفكرين؟
ماذا فعلنا لنمنع ظهور طه حسين آخر في الفكر، ومحفوظ جديد في الأدب، وسنباطي وعبدالوهاب وأم كلثوم في الفن، وكذلك في المسرح والسينما والثقافة والعلم؟
نعم لدينا اليوم أسماء جيدة، لكنها استثناءات وسط رداءة عامة وخراب شامل، رداءة تكرّس نماذج تافهة تتسيد المسارح وإعلانات السينما ودور العرض والمكتبات والكتب.