بقلم - عائشة سلطان
لماذا لا تعالج الروايات العربية الموضوعات والأسئلة التي تنتجها المدينة الحديثة بكل تفاعلاتها وأسئلتها وإشكالات الإنسان فيها طالما أن الرواية هي ابنة المدينة الشرعية؟ لماذا لا يكسر الكاتب العربي القالب التقليدي فيفكر في موضوعات أخرى غير موضوعة الانتكاسات السياسية، تنظيمات التطرف، الإرهاب، التصوف، الاغتراب.. إلخ، التي أصبحت «موضة الروايات العربية اليوم»؟ هذه الأسئلة غالباً ما يستنكرها الروائيون العرب رافضين هذه التهمة تماماً!
هل يوجد ما يسمى المصادفة؟ هل تحكم المصادفة حياتنا بالفعل إلى درجة أنها تسيّرنا، فتقتلنا وتحيينا، وتجعلنا نقف حيال إكراهاتها عاجزين تماماً؟ نحن نتساءل دائماً، فلا نجد لأسئلتنا إجابات شافية، بل نُجابَه أحياناً بالاستنكار باعتبارنا قد تجاوزنا الخط الأحمر بالنسبة إلى المحرّم، فالرضا بالقضاء والقدر لا جدال فيه، وحده الأدب يستطيع المرور بل المروق بين الأسلاك الشائكة عبر الأعمال السردية التي يمكنها أن تقول كل شيء بذكاء.
هل يوجد ما يسمى المصادفة فعلاً، هكذا يتساءل الروائي الإسباني خافيير مرياس في روايته الجديدة «غراميات» الصادرة هذا العام بترجمة صالح علماني.
أحداث الرواية تقول لنا إنه بمحض المصادفة يمكن لأحدهم أن يجد نفسه مطعوناً، بل لا أمل له في النجاة، هكذا دونما سبب أراد أحدهم أن يكنس شخصاً بريئاً ويلقيه للعدم ليبدو الأمر كموت مفاجئ، ولتظهر الأحداث فيما بعد على أنها عشوائية تمت بالمصادفة، إن الروائي هنا يحيك عملاً جميلاً يراه كل من الروائي والقارئ من زاوية مختلفة، ليقول لنا فيه إنه لا شيء يحدث بطريق المصادفة، وإن هذه ليست إلا نتيجة قراءتنا الخاطئة لما نراه، فنحن نرى النتيجة ولا نتفطن للمقدمات، لكننا حين نقرأ بشكل صحيح، فإننا نعيد ترتيب الأحداث، لنكتشف أن كل شيء عاد إلى موضعه الصحيح في جملة الحدث، لتبدو المصادفة كأنها لا محل لها من الإعراب.