بقلم - عائشة سلطان
ما من أحد منا يتحرك في هذه الحياة بغير صحبة، نتحرك بصحبة الأحلام طوال الوقت! لا يهم إن تحققت أو لم تتحقق، نحن نحاول، كلنا نحاول بحسب ظروفنا، فهمنا، إمكانياتنا، قوة نفوسنا، وبحسب إيماننا بهذه الأحلام، المهم في كل ذلك هو أننا نحاول وأننا لا ننسى، فحتى لو بقيت لنا بضعة أميال من الطريق، نفضل أن نكملها بصحبة الأحلام خيراً من أن نمضي فارغي القلب واليدين!ونمضي بصحبة الأوهام أيضاً! إنها واحدة من حقائقنا التي نعرفها جيداً لكننا لا نعترف بها، ولا ننظر إليها بالجرأة المطلوبة، ولا بالاعتزاز الذي تستحقه الحقيقة، لأنها وإن كانت جزءاً منا إلا أنه الجزء الزائف فينا، شيء يشبه لوحة منسوخة اشتريناها صدفة من سوق الأشياء المستعملة، وعلقناها في مكان ما من المنزل، ثم صرنا نتحدث عنها كثيراً في الأيام الأولى إلى أن ننساها، تلك هي أفكارنا التي تربينا عليها، أو اكتسبناها بحكم التعليم والتنشئة، كثيرها غير حقيقي، وقليلها غير ضروري، لكنه الاعتياد الذي يجعلنا ندافع عن كثير منها بشراسة، لأننا وجدنا أنفسنا معها طوال الوقت.. فالوهم أقوى من الحقيقة أحياناً!
ونمضي أعمارنا بصحبة أنصاف الحقائق! فتجد نفسك تتوقف وقد قطعت أكثر من نصف عمرك، لتتساءل كيف مر العمر وأنا أصدق أنني لا يمكنني القيام بذلك الأمر؟ كيف حرمت نفسي من الذهاب في ذاك الطريق؟ وتعرف أنك ذات يوم بعيد قررت أنك لا تقدر وأنك لا تريد وأن ذاك الطريق لا يلائمك؟ فكيف تيقنت من ذلك؟ لا شيء سوى أنك قررت من دون يقين، هكذا قررت من دون تجربة ومن دون برهان؟ ثم مع مرور الأيام تحول الأمر إلى قناعة؟ أفلا تكون بذلك كمن عاش نصف حياة؟ وَخَبِرَ نصف تجربة؟ وقطع نصف طريق؟ ووصل إلى نصف يقين؟
وتكون الحياة أحياناً أكثر حرية واتساعاً، وقيمك أكثر ثراءً بصحبة الأسئلة المفتوحة على كل الإجابات والاحتمالات والمتاعب!