بقلم - عائشة سلطان
عندما يدور الحديث عن السينما هناك من يتناولها على أنها ليست أكثر من تسلية وإضاعة وقت، وهناك من يتطرف كثيراً محاولاً جعلها موضوعاً جاداً يقترب من الفلسفة والمنطق واللوغاريتمات وحقلاً من حقول العلم المعقدة، والحقيقة أن السينما ليست بتلك البساطة وليست بذلك التعقيد، لقد أصبحت صناعة ضخمة تدخل مواردها في مجموع الدخل القومي لبعض الدول، كما تحولت إلى أداة تغيير سلوكي وفكري وثقافي تستخدمها الدول للسيطرة على أسواق ضخمة وبشر بالملايين.
إذاً، السينما بما هي أفلام ونصوص ونجوم ومخرجون وشركات إنتاج، ليست بالأمر الذي يمكن إهماله أو التعوذ من شره كما يفعل البعض أو رميه بالرصاص على أساس أنه من مداخل الشيطان، إلا إذا اعتبرنا التلفزيون كذلك والمسرح والكتب والأقمار الصناعية والإنترنت والهاتف الذكي والكمبيوتر.. فكل هذه الأدوات لها وجوه وليس وجهين، يمكن أن تكون صناعة وتوعية وتثقيفاً وتسلية، ويمكن أن تكون لفافة حشيش ومواد مدمرة، العبرة في كيفية الاستخدام ونوعية الذين يتحكمون فيها ويديرونها ويكتبون لها. في عالمنا العربي، لا أقول في الخليج أو الإمارات، مازالت السينما النظيفة والجادة والتي تقدم مواد ومضامين تمس حياتنا وعلاقاتنا وتحولات الحياة والدنيا من حولنا بعيدة ونادرة وليس بتلك الجماهيرية التي تستقطب الجمهور على اختلاف شرائحه العمرية.
فالشباب لا يزال مستلباً تجاه سينما العنف أو الحركة أو أفلام التفاهة التي لا تقول شيئاً بقدر ما تتوجه للغرائز! مع ذلك، فقد قدمت السينما العربية أفلاماً عظيمة أولاً، وأفلاماً إنسانية مست قلوب المشاهدين ونالت استحسانهم، وسنتحدث معاً في المقال المقبل عن واحد من هذه الأفلام التي مضى على عرضها ثلاث سنوات لكن أثرها عميق ويستحق التوقف!