بقلم - عائشة سلطان
في بيت الحكمة بالشارقة، الذي افتتح ديسمبر الماضي 2020، يُقام معرض فني مؤقت يحمل عنوان: «168:01» للفنان العراقي الأمريكي وفاء بلال، الذي يعمل حالياً أستاذاً في مدرسة تيش للفنون بجامعة نيويورك.
يستنبط بلال عنوان معرضه من الدقيقة الأولى التي أعقبت الأسبوع الأول للتخريب الهائل الذي حدث في بغداد إثر الغزو المغولي في القرن الثالث عشر، الذي دمر من بين ما دمر مكتبة بيت الحكمة العملاقة، ووفقاً للأسطورة، فإن كتب «بيت الحكمة» قد سال حبرها في نهر دجلة لمدة سبعة أيام كاملة، أي ما يعادل 168 ساعة، كانت كفيلة بتغيير لون المياه، وتحويل أيام بغداد إلى ليل طويل.
يقول وفاء بلال: إن الزمن يمر والأمل في التغيير والبناء هو ما كفل للحضارة الإنسانية هذا التتابع والصمود، ومن هذه القناعة تبدأ الثانية الأولى لإعادة البناء والحياة. وكما حدث أيام المغول، فإن التخريب نفسه قد طال مكتبة كلية الفنون الجميلة في بغداد أثناء الغزو الأمريكي للعراق 2003، التي فقدت 70000 من كتبها.
لذلك ما عليك وأنت تدخل بيت الحكمة في الشارقة، سوى أن تشتري كتاباً من معرض مؤقت هناك، ثم تتبرع به ليشحن لاحقاً إلى العراق ضمن مشروع إحياء مكتبات بغداد والموصل والرقة و..، وقبل أن تغادر خذ نسختك من كتاب أبيض ستجد وفاء بلال يكتب لك في صفحته الأولى شرحاً وافياً لفكرة معرضه «168:01».
أما الدفتر الأبيض الذي ستحمله معك فسيظل يذكّرك بأن المكتبات هي التي كتبت الصفحة الأولى في سفر الحضارة الإنسانية، وأنه في الوقت الذي تجد أنت مكتبةً تجلس فيها وكتاباً تشتريه وآخر تتبرع به، لا يجد غيرك حتى الورق الأبيض ليكتبوا عليه، كما يرمز هذا البياض للإمارات باعتبارها المنارة الثقافية المضيئة والشاهقة في فضاء العطاء والفعل الإنساني والثقافي العربي.