بقلم - عائشة سلطان
هل توقع شهادات؟ سألت الصغيرة الشيخ، أجابها بهدوء بينما هو مستمر في توقيع الشهادات: نعم، شهادات جامعية، سكتت أمام الهيبة والوقار، ثم غلبها طبع الطفولة المشاكس فعادت تسأل: وهل تضع توقيعاً مختلفاً على كل شهادة؟ مجدداً أجابها لكن بسعة صدر واضحة: لا، لا يجوز، كل الشهادات لا بد أن تحمل نفس التوقيع وإلا لن يعترفوا بها، ثم رفع شهادة وثانية..أمامها وجعلها تنظر لتتأكد مما قاله!
ذلك اللقاء وذلك الحديث الذي جمع بين طفلة صغيرة من مدينة خورفكان وصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والذي تم تداوله بإعجاب شديد على مواقع التواصل الاجتماعي، لا بد أن يستوقف أكثر الكتاب والمحللين، فما الذي يجعل شيخاً بكل انشغالاته والهموم التي يحملها ويتابعها، يستجيب لرغبة طفلة صغيرة تمنت لو تلتقي به، فيسارع لاستضافتها والجلوس معها، بل وممارسة عمل مهم أمامها؟
سيقول أحدكم: تلك طيبة عرف بها الشيخ، وتلك أبوة تحتم ما فعل، وكما لا نستغرب الكرم من الكريم والحكمة من الحكيم، فنحن لا نستغرب هذا المسلك من الشيخ سلطان، ذلك صحيح بلا شك، لكنني وجدت في لقاء طفلة لما تتجاوز العشرة أعوام مع شيخ وحاكم في هذا المقام، الكثير من العبر والدروس.
فكل إجابة وكل تصرف حمل من الحكمة، ومن السياسة ما هو جدير بالتأمّل، لا تحدث الطفل وتفرض عليه أن يصدقك، فقط لأنه صغير لا يفهم وأنت كبير وتفهم كما تفترض، لذلك أجابها وأرفق الإجابة بالإثبات، ثم لا تفتح مجالاً لطفل أن يجالسك ثم تضيق بأسئلته، فكل ما تقع عليه عينا الطفل هو مشروع وسؤال وعليك أن تتحلى بالهدوء والصدق وسعة الصدر، بدا اللقاء درساً في التربية والسياسة والسلوك أكثر مما بدا تلبية لرغبة طفلة.