بقلم - عائشة سلطان
أتيحت لي الفرصة يوم أمس لحضور درس في اللغة العربية عن بُعد لطلاب المدرسة الفرنسية في أبوظبي عبر منصة «زوم»، ولسبب جوهري بدا لي أن الأمور تسير بشكل اعتيادي بين المعلمة وتلاميذها، لولا ذلك الافتقاد لحالة التفاعل والضجيج المحمود الذي نلمسه في فصول الدراسة عادة!
لقد اعتاد التلاميذ ومعلموهم أن يمارسوا تعلمهم ودروسهم ولقاءاتهم عن بعد، وهم متفهمون لأبعاد الخيار ودوافعه، مع ذلك تبقى تلك الأسئلة، والملاحظات والنبرة الباحثة عن إجابات مطمئنة في أصوات التلاميذ والمعلمات معاً: هل التعليم عن بعد خيار أفضل؟ هل هو الخيار الذي يمكن اعتماده ما بعد «كورونا»؟ هل تودين لو أنك عشت هذه التجربة كطالبة؟ ما هي الإيجابيات التي وفرتها المنصات التواصلية عن بعد في بقية الأنشطة؟.. الخ.
ولقد أكبرت في تلك الطالبة ذات الخمسة عشر ربيعاً وصولها لحكمة الأزمة حين قالت: «صحيح أننا نفتقد معلماتنا، وأصدقاءنا في المدرسة، وصحيح أننا نتلهف لليوم الذي نعود فيه لحياتنا الطبيعية، وصحيح أننا نعاني كثيراً من هذه العزلة، في الوقت الذي نمارس فيه حياتنا بدون تعب ولا مشقة الخروج والحضور، لكننا في الوقت نفسه عرفنا قيمة كل شيء كنا نتمتع به دون أن نشعر بقيمته، لكننا حين فقدناه صرنا نعرف حجم النعم التي كانت بين أيدينا»!
ذلك كله لا يمنعنا إحساسنا بالعزلة أن نقر بحجم المزايا والإيجابيات التي حظينا بها جراء استخدامنا هذه التقنيات التي أتيحت لنا بسهولة، وتلك واحدة من تجليات إرادة الإنسان القوية في تخطي العقبات، وعدم الاستسلام أمام أي عدو أو تحدٍ، تلك عبقرية العقل الإنساني وعبقرية الحياة الضاجة في عروقه، لذلك كله ستتجاوز الإنسانية هذه المحنة قريباً وبسلام.