بقلم - عائشة سلطان
يعد البروفيسور أدريان هوايت من جامعة ليستر، أول من وضع خريطة عالمية للسعادة، حدد فيها الأسس التي إن توافرت في أي مجتمع، تجعل الفرد يشعر بالسعادة، وهي: الرعاية الصحية المتطورة، والتعليم المتقدم، وارتفاع الدخل، وهي معايير اعتمدت بناء على مسح لآراء عشرات الآلاف من الناس حول العالم.
إضافة إلى الثروة، فإن الاستقرار الوظيفي والأسري، ووجود شخص يمكننا الاعتماد عليه، يصنفه البعض ضمن معايير السعادة أيضاً، مع ذلك، فإن هناك من يعتبر أن الثروة ليست ما يجعل الناس سعداء، بل المشاركة السياسيّة، والشبكات الاجتماعية القوية، وغياب الفساد، أكثر أهمّية وفاعليّة من الدخل المرتفع، وهنا، فإن الاختلاف في تقييم مفهوم ومؤشرات السعادة، أمر وارد بطبيعة الحال، بحسب ثقافة وتطور واحتياجات كل مجتمع.
في رواية «القنافذ في يوم ساخن»، يعترف أستاذ اللغة الإنجليزية العراقي، القادم من جامعة سرت في ليبيا، للعمل في جامعة صور بسلطنة عمان، بأن الشعور بالسعادة، يكمن في تمتعه بالخصوصية، وأنه كعراقي قد فقد سعادته تماماً، بعد أن أصبحت أخبار بلده مادة لنشرات الأخبار ليل نهار، وبطريقة لا تقود للفخر، بقدر ما تخلو من الكرامة والإنسانية.
إن معيار الخصوصية هنا، ومن وجهة نظر مواطن عربي، يتحدد بمقدار ما يكون بلده وشعبه عنواناً رئيساً في نشرات الأخبار، وهو معيار جديد، بقدر ما هو واقعي وصادم كذلك، ولهذا، فقد جاء هذا الأستاذ من ليبيا، مستعداً للكثير من الأسئلة والجدال مع زملائه، الذين بلا شك سينظرون إليه من خلال قالب محدد سلفاً، فالناس تحكم عليك، وتكوّن فكرتها عنك وعن آرائك ومواقفك وتوجهاتك، من خلال عناوين نشرة الأخبار، التي لطالما انتهكت خصوصيتك، وقدمتك لجماهير المشاهدين بطريقة إعلامية، حسب رؤية ومصالح كل محطة أو فضائية أو مؤسسة إعلامية!