بقلم - عائشة سلطان
استطاعت العزلة التي عشناها جميعاً خلال الأشهر الماضية، أن تكشف لنا الكثير مما لم نكن نعرفه، فمثلاً كثيرون اكتشفوا كم شكلت لهم أفلام السينما في أيام العزلة فارقاً ذا معنى، كما عرف آخرون سبب افتتان عشاق الكتب بالكتب والروايات، فجربوا القراءة وانغمسوا في هذا العالم، بعضهم اقترب من حواسه أكثر وأنصت إلى ما تبقى من شغفه الذي أهمله لأسباب مختلفة، يعود بعضها لطبيعة دراسته أو عمله أو انشغالاته الأسرية، فكان فائض الوقت دافعاً لمراجعة ذلك الشغف!
لقد التفت كثيرون لمتعة السينما والعالم الشاسع للأفلام الإنسانية، فكم تمتلك هذه الأفلام من سطوة عجيبة ونافذة على أرواحنا وأذهاننا، تلك السطوة التي توفرها جماليات الصورة، وبذخ الحركة المنسابة عبر الشاشات، وأداء الممثلين المحكم كقصيدة أو كبناء هندسي بديع، وتحديداً حين يكونون من نجوم الصف الأول.
السينما الإنسانية، سينما تكاد تكون نادرة في عالمنا العربي، وتحديداً حين يتعلق الأمر بالحكاية والقضايا المطروحة، والإمكانيات العالية للممثلين، والقدرة على تقديم حكاية شديدة الصلة بهموم الناس وواقعهم المعاش، فيجدون أن ما يعرض هو حكايتهم أو حكاية أحد أقربائهم، بمعنى أن تتحول الإشكالية التي يعالجها الفيلم إلى شأن يخصنا جميعاً، وهذا ما عبَّر عنه برهافة فائقة الفيلم العربي «فوتوكوبي» الذي ناقش المأزق الوجودي الذي يرى كبارُ السنِّ أنفسَهَمْ فيه، بينما الزمن يعبرهم تاركاً إياهم في مهب الإهمال.
السينما الإنسانية، سينما ذات جمهور خاص، بقضايا ذات اتساع عالمي، يمكنها أن تمس الإنسان حيثما كان، بعيداً عن تلك الخلطة المرتبة سلفاً، والتي قوامها «العنف والإثارة والجريمة والحركة». لذلك فالفيلم الإنساني لا ينجح غالباً في صالاتنا العربية، ولا تغامر شركات الإنتاج الكبيرة بإنتاجه، لكنه هو الفيلم الذي يبقى في الذاكرة بقدر ما يمس الشعور