بقلم - عائشة سلطان
في معظم الأحداث التي تلم بنا أو بالعالم حولنا، بعيداً كان أو قريباً، فما دامت الأخبار تصلنا من قلب الحدث فنحن متورطون فيه بدرجة أو بأخرى، والتورط لا يعني أن يكون لك يد في الحدث، ولكن أن تجد نفسك مهتماً بمتابعة أمر تدور رحى أحداثه بعيداً عنك آلاف الكيلومترات فهذا يعني أنك متورط فيه!
وأن تتعاطف معه، أو تنعكس آثاره سلباً أو إيجاباً على الحياة في مجتمعك، فهو تورط كذلك، وإن كنت لم تسعَ إليه، فالعالم منذ أصبح قرية صغيرة كما تنبأ بذلك أستاذ الإعلام مارشال ماكلوهان، تحوّل كل حدث يقلب معادلات الواقع في بلد ما إلى حدث مهم لكافة بلدان وسكان العالم، فحين انهارت بورصة نيويورك فيما عرف بانهيار الاثنين العظيم عام 1929، وصلت آثاره على شكل أزمات اقتصادية وكساد وفقر إلى كل العالم، وأصبح من المستحيل أن ننظر بعدم اهتمام لأي حدث ذي أثر، فقد تحوّلنا وبلا رجعة إلى قرية صغيرة ترصد بعضها بخوف!
ما يحدث في الولايات المتحدة، من تظاهرات تندد بالعنصرية تحت شعار «حياة السود مهمة»، وصلت صرخاته لشوارع باريس ولندن وهولندا وإسبانيا وبلجيكا، بعضها تعاطفاً وإعلاء لقيم حقوق الإنسان، وبعضها انطلاقاً من واقع حقيقي ينوء بإرث عميق من العنصرية حتى اليوم!
وكما دائماً، فإن هذه المطالبات المحقة، دائماً ما تتعرض للاختراق أو الاستغلال أو الشيطنة، فرأينا منذ البداية تسلل أعداد كبيرة من الخارجين على القانون واللصوص إلى المشهد ليحولوه إلى سرقات ونهب وعنف، ثم انهالت التحليلات التي حولت المتظاهرين إلى شياطين يسكنون تفاصيل المدن ليخربوها لا أكثر، وأما نظرية المؤامرة فهي الحاضر الأبدي في ذهنية معظم الناس، أما الإعلام فبدل أن يكون موضوعاً للفرجة يصير هو من يمارس الفرجة على الناس!.