بقلم - عائشة سلطان
من أين أتى الصراع، كيف تكوّنت فكرة الاعتداء والسيطرة وقتل الآخر، متى فكر البشر في غزو الآخرين واحتلالهم؟ ما الذي منح الحرب هذا الاحتفاء وهذه القداسة السياسية عبر التاريخ إلى درجة اعتبارها إحدى وسائل تعزيز الدبلوماسية؟
ومن دروع العسكر وغنائم الحروب البشعة والاعتداء على الآخر بلا منطق، خرجت كل الأفكار الفوقية (كإقصاء الآخر، ونبذه، وتحقيره، واستفزازه، والنظر بدونية لتاريخه وثقافته ومعتقداته)، والتي عززها الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه عبر فكرة الإنسان الخارق الذي يمجّد القوة والشر باعتبارهما خيراً مبدعاً!
إن فكرة الحرب قد تأسست على الطمع والشراسة، هذه الشرور التي تحوّل الإنسان إلى وحش حقيقي حين يؤمن بها، يقول الروائي إبراهيم نصرالله: «لم يخلق الله وحشاً أسوأ من الإنسان، ولم يخلق الإنسان وحشاً أسوأ من الحرب».
نحن لا نعيش وحدنا على هذا الكوكب، إننا نسكنه رفقة شعوب كثيرة، حرة في الاقتناع بما ترى، ليس هناك من هو أفضل من الآخرين إلا بمقدار ما أسهم في الارتقاء بالإنسانية، لذلك فلا يحق لأحد أن يصدق بأنه مكلف باحتلال الآخرين أو قيادتهم رغماً عنهم إلى أي مكان أو قتلهم ككائنات لا لزوم لها!
هناك أمم وشعوب وحضارات عميقة وقديمة وعظيمة جداً، مختلفة، ومتطورة أكثر وغنية بشكل لا يصدق، غنية بمكوناتها، بقيمها وعلاقات نسيجها الاجتماعي، بوجود أطياف من الأديان والطوائف والمذاهب والأساطير والحكايات، بوجود ثروات هائلة من الطبيعة والتاريخ والحكمة والكتب والأدب والشعر، وما لم نتقبل هذا الآخر المختلف بكل جمالياته وشططه، فسنظل ندور في فلك تخبطنا واعتقادنا بأننا الأفضل، وسنظل نراوح في المآزق والصدامات!