بقلم - عائشة سلطان
قبل أيام من معرض أبوظبي الدولي للكتاب من كل عام، يبدأ اللغط عادة، وتكثر التكهنات والتحليلات، فكل المهتمين ينتظرون بقلق إعلان نتيجة «البوكر»، سواء كانوا كتّاباً أو قراء أو ناشرين، ولا ينتهي اللغط بإعلان اسم الفائز واسم الرواية الحاصلة على جائزة البوكر العالمية للرواية العربية، بل ربما يبدأ! هل الأمر كذلك؟ نعم هو كذلك فعلاً، حتى إننا نلمس هذا الاستنفار قبل ذلك بكثير، فالجائزة هي الأرفع والأهم في مجال الرواية العربية، لذلك تتحول إلى صراع خفي ومعلن وعلى مستويات عالية عبر وسائل الإعلام!
وعادة، لا تحظى النتيجة برضا الجميع، وهذا أمر طبيعي جداً، لكن حتى عدم الرضا يكون متفاوتاً وله مبرراته التي تبدو منطقية في بعض الأحيان، فمهما حاول المحكمون، فإن إرضاء الجميع غاية لا تدرك، مع ذلك فلا بد للمياه أن تجري تحت الجسور بصفوها وكدرها لتستمر الحياة!!
أولى الروايات التي قرأتها في القائمة القصيرة التي تضم ست روايات من ستة بلدان عربية هي رواية عادل عصمت «الوصايا» الصادرة عن دار الكتب خان المصرية.
تتكون الرواية من عشرة أجزاء يحمل كل جزء عنوان وصية من الوصايا العشر التي تمثل فكرة وأساس الرواية، وهي وصايا أفرزتها تجربة حياة حافلة وقاسية عاشها الجد عبدالرحمن سليم، وقبل وفاته بأيام يقرر أن ينقلها كميراث قيمي وأخلاقي لحفيده (الولد الساقط كما يسميه) بسبب فشله في الدراسة، لذلك فالوصايا ميراثه الأهم، وستفيده كما يقول له أكثر من المال والأرض.
مسحة الشجن واضحة في الرواية، وسببها تلك التغيرات التي فرضتها الحداثة على القرية وحياة الريف، وتجلت في هدم بيت الأجداد وتغيير حياة الجميع، وخاصة شباب القرية بعد مشاركتهم في الحرب، وتفكك العلاقات الأسرية في العائلة الريفية الممتدة، وخفوت العلاقة بالأرض كما ظهر في علاقة الجد نفسه بأرضه.
الرواية وعبر الحكايات التي أفرزت خلاصات الوصايا ترسم مشهداً مفصلاً ووافياً لكافة التغيرات التي طرأت على كل شيء عبر سيرورة الزمن، وتأثير هذا الزمن في الإنسان.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة الاتحاد