بقلم - عائشة سلطان
هناك ظروف وأوضاع حياتية فارقة وغير محتملة، لو وضع الواحد منَّا نفسه فيها لجاءت ردَّات فعله وسلوكياته وتصرفاته غاية في الغرائبية، وربما في العبثية أيضاً. تُمرِّرنا الحياة وتُمرِّننا على استخدام ردَّات فعلنا إزاء المواقف، كما تجعلنا نستفيد من حمولة الإيمان والمنطق في فهم ما نمر به، ومع ذلك فغرائبية الحياة وأحياناً عبثيتها تبدو أكبر من طاقتنا على التجاوز، وقدرة العقل على المرور بسلام من بين الثقوب الصعبة.
من السهل أن نطلق أحكامنا الأخلاقية الصارمة على الآخرين، فذاك عديم الضمير، وذاك عديم الإحساس، وهذا يفتقر للرحمة، وهذا وذاك.. لكننا لا ننظر للسياق الحياتي الذي جاء منه كل هؤلاء. فالحروب مثلاً حالة عبثية عديمة المعنى والمنطق بالنسبة لأم تجد نفسها وأطفالها في مهبِّ الشقاء، مجردة حتى من خيمة تقيها زمهرير الأيام وكلاب الشارع! كيف يمكن الحكم على تصرفات إنسان مقذوف من فوهة مدفع إلى ساحة ألغام في خضم أرض تفقد نهائياً أي معادلات للحياة والرحمة والقيم؟
العبث يتجسد أمامنا في حالات وظروف كثيرة يمر بها كثيرون بيننا، والحرب أحد أشكال العبث الكبرى التي تقود الإنسان لحالة من الشعور باللاجدوى أو ما يطلق عليه في الأدب «العبثية».
هذه الفلسفة التي يفسرها ألبير كامو، أحد رواد هذا الاتجاه، لا تأتي من كون العالم عبثياً، بل من عدم خضوع هذا العالم لمعايير العقل والعقلانية، وبالتالي في الهوة الشاسعة بين وعي الإنسان وعقلانيته من جهة، وعدم قابلية العالم الذي يعيش فيه للعقلنة والمنطق من جهة أخرى. فأي عقلانية في هذا الوضع الكارثي الذي نعيشه في ظل تفشي هذا الوباء القاتل مثلاً؟