بقلم - عائشة سلطان
مجدداً سنتحدث اليوم حول ظاهرة المؤثرين التي تناولتها بالأمس في هذه الزاوية؛ وذلك لأهمية القضية المطروحة أولاً، وللتعليقات القيِّمة التي جاءت من قبل القراء حول الظاهرة..
تلك التعليقات أظهرت فكراً وثقافة عميقين عند الكثير من القراء الذين ينأون عادة بأنفسهم عن مهاترات «تويتر» و«فيسبوك»، تاركين ميدانهما لملايين المتابعين الذين يتصفون بظاهرة الإعجاب بأي محتوى دون تدقيق، وللمؤثرين الذين يظنون أن ظاهرة الافتتان بهم سوف تبقى إلى الأبد، ضامنة لهم أرباحاً وأموالاً لا تتوقف، في ظني أن ذلك لن يستمر طويلاً!
كما أظهرت التعليقات التي وصلتني استياءً حقيقياً ورفضاً قائماً على وعي تام بمخاطر المحتوى الغثّ الذي يقدمه هؤلاء الذين يحلو للإعلام أن يسميهم «المؤثرين»، دافعاً بهم إلى مكانة أكبر من حجمهم، فهم ليسوا أكثر من معلنين تجاريين، لكن الإعلام في كثير من برامجه ورسائله جعل منهم أقطاباً مؤثرة لا تقل عن قادة الرأي الحقيقيين من السياسيين ورجال الفكر والأدب والعلماء والكُتاب وغيرهم!
وامتناناً لهؤلاء القراء ولما تفضلوا وأثروا به مقالة الأمس، فإنني سأختار بعضاً من تعليقاتهم لنتشاركها معاً، علق أحد القراء على السؤال المتعلق بسلوكيات «المؤثرين» على مواقع التواصل، وما إذا كانت تحظى باستحسان المجتمع أو تمثل قيمة مضافة للناس؟ فقال: «جل خوفي أن يكون هذا التأثير نقصاناً وليس إضافة، نقصاناً في الوعي واضطراباً في البوصلة».
وخوف القارئ مبرر بطبيعة الظروف التي نعيشها، ذلك أن التبعية تعني الاستلاب عادة، والإنسان لا يُستلب إلا إزاء ما ينقصه أو ما يكون ضعيفاً حياله، أو ما يريد أن يكون على شاكلته، لذلك يطلق على الجمهور لقب تابع وليس معجب، والتبعية لأمثال هؤلاء تدق جرس إنذار قوياً، إن كنا نعي مخاطرها.