بقلم - عائشة سلطان
تساءلت صديقة تونسية على صفحتها في فيسبوك حول ظاهرة «المؤثرين» فطرحت هذا السؤال: هؤلاء «المؤثرون» في تونس، في مَن أثَّروا؟ وماذا غيّروا في البلاد كنتيجة لهذا التأثير؟ وختمت: «أنا والله لا أعرف». لقد سألت وأجابت بما يعني عبثية الظاهرة التي لا يعرف أحد سبب تفاقمها ومَن يقف وراء تشجيعها واستمرارها؟
وقد حظي منشورها بتفاعل ومشاركات تفاوتت بين السخرية والغضب والاستغراب من تكريم المؤثرين والاحتفاء بهم، بينما هم لا يخرجون عن كونهم شباناً وفتيات يتولون الدعاية والإعلان (في معظمهم) عن منتجات شركات التجميل وأدوات الزينة والمطاعم ومحال بيع الأطعمة وما إلى ذلك، ما يعني أنهم من أدوات وأذرع السوق والثقافة الاستهلاكية لا أكثر، فكيف تحول هؤلاء إلى مؤثرين؟
دعونا نتساءل معاً لنفهم سر تنامي هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة، والاهتمام بأفرادها ورعايتهم وتكريمهم إعلامياً وتجارياً؛ فمن هو المؤثر الحقيقي؟ وفي مَن يؤثر وكيف؟ مَن هي الجهة التي يمكن الرجوع إليها لتحديد مدى أثر وتأثير هؤلاء «المؤثرين»، وتتبع أثرهم في المجتمع والشباب والثقافة؟
أما السؤال الأهم فيتعلق بسلوكياتهم على مواقع التواصل، والتي يؤثرون بها في الجمهور: هل تحظى هذه السلوكيات باستحسان المجتمع فعلاً؟ هل تمثل قيمة حقيقية مضافة للناس؟ هل لهؤلاء «المؤثرين» معايير محددة واتجاهات واضحة تلتزم بمواثيق شرف معروفة (كمواثيق الشرف الصحفية) أم أنهم يتصرفون بحسب مصالحهم ويقدمون محتوى يراعي قيمة ما يتقاضونه فقط؟
أخيراً، إن هؤلاء «المؤثرين»، الذين يؤثرون سلباً في كل شيء، إنما يعتمدون في استمرارهم على صمت المجتمع وسلبية قادة الرأي، وغياب الحوارات الحقيقية والرأي الآخر وفضيلة النقد.
إن السكوت غالباً ما يفسر على أنه علامة قبول.