بقلم : عائشة سلطان
تقول صديقتي: على الأشخاص الذين لم يكونوا يخرجون من منازلهم في زمن ما قبل كورونا ولأي سبب كان، كأن يكونوا متقاعدين، أو محبين للعزلة بطبعهم، أو قليلي الاختلاط بالناس، عليهم اليوم أن لا يتذمروا من حالة العزل أو الحجر الذي تفرضه السلطات هذه الأيام! لأن العزلة ليست أمراً جديداً عليهم فقد اعتادوا عليها حسب رأيها! تنسى صديقتي، ربما، أن هناك فارقاً كبيراً بين أن تجلس في منزلك بإرادتك واختيارك، وفي ظل أوضاع طبيعية، وبعيداً عن أي شيء يمكن أن يهددك في اللحظة التي تقرر فيها الخروج، وبين أن تقبع في منزلك تحت ضغط إكراهات طارئة لا تشكل مجرد خوف عادي، بل أنها أصبحت رعباً كونياً لا سبيل للهروب منه!
يمكنني أن أمكث في منزلي لأيام، أقوم خلالها بإنجاز الكثير من شؤوني الخاصة، أتواصل بسلاسة مع الجميع، أتبادل معهم أحاديث ودودة، وربما فارغة أيضاً، نتفق على لقاءات قد لا تتم، نتسلل في المساء لنمارس رياضة المشي في الحديقة القريبة، وهناك من المرجح أن أقابل أحد إخوتك أو أصدقائك، تحتضنهم بشوق، وقد نجلس في أقرب مقهى بعدها لنحتسي القهوة والمزيد من الثرثرة، إذن فأنت تتنفس بإرادتك!
كل هذا قد يحدث وأنت مطمئن وغير قلق من العزلة التي اخترتها، إنها العزلة الشكلية المعززة بحرية مطلقة في أن تخرج وأن تكون أينما شئت، وحيث لا وحش ينتظرك في الخارج، أو خلف مقابض الأبواب ليغتال حياتك، ثم يجبرك على الجلوس مكتوف اليدين وحيداً في منزلك ومبتعداً عن جميع أحبتك!
لذلك فدائماً ما تشكل الحرية والأمان فارقين عظيمين في حياتنا وسيرورة البشرية.