بقلم : عائشة سلطان
هل فكرت كقارئ نشأت على قراءة أدب شاعر معين، أحببته، وجعلت له في وجدانك مكانة لا يرقى لها أديب، فإذا سئلت عن سبب ذاك الإعجاب قلت سريعاً:
إنه شاعر فذ، حساس، صاحب قيم ومواقف، يمتاز شعره بالعذوبة، والحس الإنساني الرفيع، وإنه لطالما حمل من خلال هذا الشعر أو ذاك الأدب هموم الناس وقضايا المظلومين والمهمشين، إنك إذاً تحبه لأنك تراه صورة مقابلة تعكس أفكارك وآمالك وقناعاتك وأحياناً شخصيتك، إنك تسمع فيه صوتك وتراه مرآتك التي لا تكذبك!
لكن، ماذا إذا تكشف لك أن هذا الشاعر العظيم الذي لا يطاله الخطأ أو التجاوز حسب ما قدم نفسه من خلال القصائد والكلمات التي ما فتئت تكافح وتنافح وتطالب بالعدالة للمظلومين؛ لم يكن عادلاً ولا رحيماً بأقرب الناس إليه؟ فهل تصدق؟ هل تتصور ذلك؟ فكيف سيكون ردة فعلك وأنت تقرأ أو تسمع هذا الذي يوصف بأن (ما خفي كان أعظم)؟
Volume 0%
وما خفي هو أن كثيراً من الكتاب والمثقفين كانوا بخلاف ما طالبوا به تماماً، وقد ظهرت هذه الحال من خلال حكاية الشاعر بابلو نيرودا وابنته، فنيرودا الذي رفع قضايا الفقراء والمهمشين في كل أشعاره ودافع وصرخ في وجه السلطة في تشيلي حتى رحل عن الدنيا، ظلم أقرب الناس إليه، ابنته التي ولدت بمرض عضال، فقد تخلى عن مسؤوليته تجاهها كأب، تاركاً إياها للمجهول، حتى تبنتها أسرة هولندية وهناك في هولندا عاشت حتى توفيت في سن الثامنة خلال الحرب العالمية الثانية!
هذه الحقيقة الحارقة تسردها الشاعرة الهولندية هاخر بيترز في روايتها الأولى «مالڤا» وهو اسم ابنة الشاعر الوحيدة!