بقلم : عائشة سلطان
الجدل محتدم في مصر هذه الأيام حول تغيرات الذائقة الجماهيرية والتحولات التي طالت طبيعة الغناء وأصوات المغنين، والتغيير العاصف الذي أدخله من سمتهم نقابة الموسيقيين المصريين (مطربي المهرجانات) على شكل الغناء: لحناً وصوتاً وكلمات، هذا الجدل الذي يبدو في ظاهره تعبيراً عن أزمة طارئة تسببت فيها أغنية لمطرب مهرجانات مغمور تمكن بأغنيته من تحقيق عدد مشاهدة قياسي على «يوتيوب» بلغ نحو 50 مليون مشاهدة!
لكن الحقيقة أن جدل تحولات الذائقة الفنية الجماهيرية في مصر وسائر أقطار الوطن العربي ليس وليد أغنية، إنه جدل قديم ظهر منذ أيام عبدالحليم حافظ، عندما وقف العندليب لأول مرة ليغني أغنيته الشهيرة «صافيني مرة» من ألحان محمد الموجي، وسط عدم استحسان الجمهور الذي لم يكن مستعداً لذلك الشكل الغنائي المختلف عن الذائقة السائدة في تلك الأيام!
فيما بعد توالى ظهور نوع من المغنيين اعتبرهم البعض شعبيين، وأطلق عليهم آخرون مطربي الميكروباص، وهاجمهم البعض لانعدام مواصفات الطرب الحقيقي في أغنياتهم، بينما اتهمهم النقاد بالتسبب في تشويه الذوق العام والذائقة الفنية، وكان على رأس هؤلاء الملحن حلمي بكر، وموقفه المعروف من المغني الشعبي شعبان عبدالرحيم!
ووسط مقولة محل جدل هي الأخرى «الجمهور عاوز كده»، انتقل الصراع إلى ساحة السينما والأفلام والإعلام والروايات و.. إلخ، وفي كل مرة يبدو واضحاً أن الذوق العربي العام قد تغير تماماً على الصعيد الجماهيري، ولن يعود إلى ما كان عليه زمن أم كلثوم وعبدالوهاب وفيروز؛ لأن هناك جملة أسباب قادت تلك المرحلة وولدت ذلك الفن، بينما ما نراه اليوم من اختلاط الحابل بالنابل له علاقة بتدني مواصفات كل شيء؛ التعليم والإعلام والسياسة، وبالتالي الفن والذائقة، وكنتيجة حتمية سيلحقان ببقية القافلة!.