بقلم - عائشة سلطان
يحدث أن يكون في عائلة أو دائرة معارف وأقرباء أيٍّ منا، شخص مُصاب بمرضٍ ما، ويحدث أن نبذل كل ما نستطيع لإنقاذه والتخفيف عنه، فنبحث له عن علاج، ونتقصى آخر المستجدات بشأن مرضه، ونتعاطف معه، ونتفهم حالته، لكن نادراً ما نندفع لأكثر من ذلك، إلا أن جيل تيلور «المولودة عام 1959» عندما عرفت بحالة شقيقها الذي شخّص كمصاب في دماغه بانفصام الشخصية، قررت أن تدرس هذا التخصص لتفهم ما يدور في دماغ شقيقها، وكيف يشعر؟ وما الذي حدث في هذا الدماغ على وجه التحديد ليصبح شقيقها على ما هو عليه؟
تخصصت جيل في أمراض المخ، وتخرجت كعالمة تشريح في كلية الطب بجامعة هارفارد، ثم أجرت الكثير من الأبحاث في مختبرات الجامعة، وانضمت لمنظمة التحالف الوطني للأمراض العقلية على مستوى الولايات المتحدة باذلةً أقصى جهودها كي تقنع المرضى بالتبرع بأدمغتهم بعد الوفاة لصالح مركز هارفارد لأبحاث أنسجة المخ، أو ما يُعرف بـ«بنك المخ» الذي بدأ يشهد تناقصاً في مخزونه من الأنسجة، وقد نجحت بالفعل وزاد عدد المتبرعين من 3 إلى 25 شخصاً.
وفجأةً بينما كانت تحتفل بعيدها السابع والثلاثين، بتألقها كعالمة تشريح يُشار لها بالبنان، خاصة بعد أن فاز بحثها بالجائزة الأهم من جامعة هارفارد، وسط هذا النجاح والحيوية، حدث ما لم يخطر ببال عالمة المخ د. جيل تيلور، حيث تبعثر كل هذا النجاح، وسقطت نحو الهاوية، عندما اكتشفت في صباح العاشر من ديسمبر 1996 أنها أصيبت بجلطة في المخ. ثم عانت لثمانية أعوام كاملة قبل أن تتمكن من التعافي من النزيف، لكن دون أن تعود لما كانت عليه.
وفي كتابها «الجلطة التي أنارت بصيرتي»، تقول لنا د. جيل كيف يمكن أن يتدهور مخ أي إنسان؟ وبالمقابل كيف تستنير بصيرته؟ فهل يمكن لأي منا أن يعرف كيف يكون شعور مَن يتعرّض للجلطة؟ هذا السؤال الذي قضت سنوات طويلة لتعرف إجابته، أراد لها القدر أن تختبره عملياً! وللحديث صلة.