بقلم - عائشة سلطان
سميت معظم أحياء ديرة القديمة (أنا هنا أكتب عن أحياء ديرة لأنني ولدت وعشت فيها) نسبة لأسماء عائلات وبيوتات معروفة أو نسبة لأشخاص ورجال بعينهم أو نسبة لمهن أو بحسب الموقع الجغرافي، فمثلاً فريج الراس (في الإمارات نسمي الحي فريج) سمي كذلك لأنه يقع في أول المدينة، وفريج الضغاية نسبة لطريقة من طرق صيد سمك السردين، وهناك حينا: فريج (عيال ناصر) الذي أخذ اسمه نسبة لثلاثة أخوة أبناء ناصر السويدي يعود لهم فضل تأسيس أو سكنى الحي منذ البدايات.
كنت طفلة لم أنتسب للمدرسة بعد عندما أشارت أمي لرجل يجلس القرفصاء أمام خيمته وأمامه صقر، قالت هذا سلطان بن ناصر، أخو جارنا خليفة بن ناصر (الله يرحمهم جميعاً) كانت تمسك بيدي يومها عابرة بي للجهة الأخرى من الحي، عبر أرض واسعة يسكنها كثير من الأشخاص الغرباء عن الحي!
جارنا خليفة كان الوحيد الذي يمتلك سيارة لاندروفر، كان يستخدمها للذهاب للبر، فالرجل كان من محبي القنص والصيد ولذلك فقد كان دائم الذهاب للصحراء، كانت اللاندروفر الوحيدة تقف أمام البوابة الخشبية لمنزله، نتأملها بانبهار ونتمنى ركوبها. أنا داخل ذلك البيت الواسع وعبر عيون الأطفال المتلصصة فقد علمنا أن الرجل المهيب كان يعيش مع زوجته الطيبة جداً ووالدتها، ولم يكن هناك أطفال في ذلك المنزل!
ولكن صيت الرجل وطيبته وتعامله الدمث مع أهالي الحي جعلت منه شخصاً محبوباً، كما جعلت من مجلسه مركز التقاء لرجال الحي، والمكان الذي يجتمعون فيه للإفطار في كل رمضان، ولذلك فصورة أولئك الصغار الذين كانوا (نحن) لا تزال تعبق في ذاكرتي محملين قبيل الإفطار وصوت الأذان بأطباق الهريس واللقيمات والفرني إلى مجلس خليفة بن ناصر استعداداً لإفطار الرجال!