بقلم - عائشة سلطان
عندما كنا صغاراً، كان ظهور طائرة في السماء يرسم ابتسامة غريبة على وجوهنا، ربما نسينا سر الابتسامة بعد أن امتلأت سماواتنا وحياتنا بالطائرات، إلا أننا لم ننسَ تلك التلويحة البريئة التي كنا نرسلها للذين على متن تلك الطائرات، متخيلين أنهم يروننا وأنهم ينتظرون تلويحتنا، تذكرت ذلك كله وأنا أرقب السماء منذ عدة أشهر، وهي تخلو من الطائرات بسبب «كورونا»!أخذتني الذكرى أيضاً لرواية خالد حسيني «عدَّاء الطائرة الورقية» التي صدرت في عام 2003، إنها حكاية أفغانية بامتياز، تشرح الصراع الطبقي والتمايز الطائفي في مجتمع أفغانستان، مشيرةً إلى ما نجم عن سقوط الملكية، وغزو الروس، وبدايات سيطرة طالبان، وكل الكوارث التي أفرزتها هذه التحولات، من خلال حياة الطفل حسن وصديقه أمير!
لم يكن لحسن حظ في أي شيء، حتى في أن يجري وراء مجرد طائرة ورقية تخصّه، لذلك سيظل ذاتاً مهملة ونكرة، يتلقى الاعتداء والتهم، دون أن يملك حق الرد عن نفسه، وسينكسر مئات المرات؛ لأنه بلا سند.
كان أمير ابن السيد يلعب بطائرته الورقية، فإذا سقطت كان على حسن أن يجري راضياً سعيداً وبهمة عالية باحثاً عنها ليحضرها له، حتى كان ذلك اليوم الذي اعترضه عدد من الفتيان واعتدوا عليه. وحين عاد بالطائرة كان قد كُسر تماماً وفقد كل شيء: براءته وكرامته معاً، ولم يعد حسن كما كان. لاحقاً رمى به الظلم والأقدار بعيداً عن صديقه وعن الطائرات والأمان!
أما الطيران فبقي مرادفاً ثابتاً لفكرة الحرية والوصول إلى الأبعد وغير المتوقع، وهي الفكرة ذاتها التي لطالما داعبت خيالاتنا صغاراً، فحققناها عندما ركبنا الطائرات وقرأنا الكتب، جمعنا بين الطائرة والورق، وإن ظلت الطائرة الورقية رفيقة أحلام الطفولة التي لم تنصف البعض مثل حسن.