بقلم - عائشة سلطان
في الحياة متع صغيرة، تحيط بنا، نتعثر بها أحياناً، لكننا نصرّ على أن نركلها بلطف بإصبع قدمنا، تحاشياً لها، ذلك أننا لا نراها جديرة بأن نتوقف عندها، بينما لو تمهلنا قليلاً، لعلمنا أن الحياة لا تشكلها كبريات الأحداث فقط، فهناك أشخاص وأحداث ليست بتلك الخطورة، لكنها قد تمنحنا الكثير من المسرات اليومية، وتعيد تشكيل خريطة مزاجنا!
ليس شرطاً أن تحتل تلك التفاصيل مساحة اليوم أو الوقت كله، ليس شرطاً أن توجد في كل مكان نتحرك فيه، إن إدراكنا لبعض الأمور، ولو لدقائق، قد يغير مزاجنا، قد يمنحنا ابتسامة، كنا بأمس الحاجة إليها، قد يصرفنا عن أفكارنا الكئيبة والثقيلة التي تحتلنا طيلة الوقت، لكننا في زحام الحياة اليومية، لا ننتبه، ولا نتمهل!
كأن تنظر إلى الأشجار العابقة بالعصافير والموسيقى في حديقة بيتك أو حديقة الحي، أن تصحو في عمق الليل، فتشعر أنك وحيد، تملك الوقت كله، والأمكنة كذلك، وأنك تنصت لصوت الصمت الخاشع متأملاً، كيف يذهب الليل متمهلاً، ويولد النور سريعاً في هذه المتوالية السرمدية منذ الأزل!
هل فكرت في تعداد الأشياء الصغيرة حولك، حاول إذن أن تدرك سر علاقتك بها، لماذا تبهجك إلى هذه الدرجة؟ لماذا ترتبط بها هكذا؟ تأمل أيدي الأطفال الصغار في الأسرة، فكّر بمتعة اللعب معهم، تأمل الحيوانات الصغيرة في بيتك، فكّر قليلاً، لماذا تحب طقوس إعداد قهوتك في الصباح الباكر، تأمل فناجين القهوة الكثيرة التي جلبتها من كل مدن العالم التي زرتها.
إن قدرتك على التوقف أمام هذه المتع المتناهية في الصغر، وإعادة الاعتبار لوقعها في نفسك، وعلى مزاجك، قد يساعدك في أن تكون بعض أوقاتك الصعبة، أكثر قابلية للاحتمال!