بقلم - عائشة سلطان
يصر بعض الآباء على أن يقدموا لأبنائهم صورة غير حقيقية عن أنفسهم، فكل الآباء والأمهات في قصصهم التي تصنعها مخيلاتهم كانوا بشراً مثاليين في كل شيء، وتحديداً في المدرسة، بينما في الأغلب الأعم بالكاد كان هذا الأب أو ذاك ينجح في المدرسة جوازاً وبدرجات الرحمة أحياناً!«كنت أفضل الطلاب في القراءة، ولذلك كنت تجدني لا أغيب عن الإذاعة المدرسية»، هكذا يتحدث أبٌ لولده، ولولا أن التاريخ قريب لادعى أنه كان يقرأ أفضل نشرة أخبار في الإذاعة الرسمية، بينما صاحبنا لا يستطيع التمييز بين الفاعل والمفعول به في درس قواعد اللغة.
«وكنت مهذباً، لا وجود لغير المذاكرة في قاموسي اليومي، لم يكن لي أصدقاء، ولا أخرج إلا بإذن، ومع كل ذلك كان أبي يضربني لأتفه الأسباب»! فلماذا هذه الصورة الكئيبة التي يظن الأب أنه ينقلها ليهتدي بها ابنه المراهق، فهل يمكن أن يصدق هذا الشاب أن أباه كان (مثالياً) بالفعل؟
للآباء حياتهم التي عاشوها بحسب طبيعة زمانهم، فقد لعبوا بما فيه الكفاية، وأرهقوا والديهم بشيطناتهم وتمردهم، وأثاروا الزوابع في الحي كما في المدرسة، وبالتأكيد فإن بعضهم أيقظوا آباءهم في وقت متأخر من الليل عندما قبضت عليهم دورية الشرطة وهم يحفرون الشوارع بأصوات العجلات أو بسباقات السيارات على الطرق الخارجية!
تلك سلوكيات المراهقة الصعبة الطبيعية أحياناً، والتي لم يجدوا من يوجههم لتقويمها بطريقة أفضل أحياناً أخرى، ولكنهم عبروا تلك الأيام بسلام في نهاية الأمر، وعليهم أن يقولوا لأبنائهم إن للمراهقة إكراهاتها وللعمر استحقاقاته وإنهم يجب أن يعودوا إليهم دائماً كلما سُدَّت أمامهم الطرق، فهم يعرفون الكثير عن مآزق تلك المرحلة، ومستعدون لتقديم الحلول ولكن بعيداً عن المثالية!