التجربة عشب الطريق

التجربة.. عشب الطريق!

التجربة.. عشب الطريق!

 صوت الإمارات -

التجربة عشب الطريق

بقلم - عائشة سلطان

بعد مُضيّ زمن طويل على تجربتنا في الحياة، سنجد أنفسنا ذات يوم نقف أمامها متأملين: فإما أن ننظر لها باعتداد حقيقي ورضا، على اعتبار أننا بذلنا أقصى ما يمكننا وحاولنا قدر جهدنا، وباعتبار ما منحته لنا التجربة من نضجٍ وغنى ومعرفة وانفتاح واتساع في زوايا النظر لكل ما في الحياة.

وإما أن نضخم ما أنجزناه على بساطته وعاديته، ثم نصدّق أننا أعظم أهل زماننا، فنزاحم للحصول على الألقاب ونغضب إن لم نحظَ بالجوائز وكلمات المديح والتقديرات المادية، ونسعى لأن نرتدي التجربة كثوب سهرة لامع بدل أن نجعلها معطفاً نتدفأ به ونستتر في غربة الحياة، فلأجل هذا المعطف كانت التجربة لا لأجل البريق الخاطف!

إن الذين ينضجون على موقد الأيام هم فقط من لا ينتظرون التصفيق، وإن الحكيم فقط مَنْ يعي حقيقة أن ليس كل ما يلمعُ ذهباً، هذه واحدة من خلاصات الحكمة التي تمنحنا إياها التجربة.

إن أحد أكثر الأسئلة شجناً وصعوبة في الوقت نفسه: حين تسأل نفسك بعد كل تجربةٍ قاسية أو مرهقة: أين ذهب الحب الذي كان؟ كيف تلاشى ذلك الألق؟ أين اختفى عشب الطرقات الخضراء؟

ما لي لا أرى فيّ أثراً لذاك الاندفاع والشغف؟ إن كل ما تسأل عنه مخبوء فيك لم يذهب بعيداً ولم يضمحل، لم يتلاشَ ولم يَضِعْ، لكنك وأنت تعبر الجسور تلقي في المياه التي في أسفلها ما تستطيع لتتخفف ولتعبر، بينما على جوانب الطرقات حوانيت بلا عدد تدخلها فتنتقي وتأخذ للرحلة الطويلة ما أنت بحاجة إليه، ثم تقايضه بما لم تعد تحتاجه!

وحين ستشارف الرحلة تمامها، ستعرف كم أنت ممتلئ بالخيرات وبالوعود، فالطريق إلى الحكمة ملأنا بما كفانا وثبتنا وأوغل تجذيرنا في أرض إنسانيتنا، نحن في النهاية ممتلئون بكل ما نحبه ولا نحبه، بكل قوتنا وضعفنا، بكل ما وجدناه فينا يوم وُلدنا وبكل ما منحتنا إياه وأضافته لنا الحياة، بكل ما عرفناه عبر الأيام والمواقف فاستوعبنا حجمه وقدره، وبكل ذلك الذي ارتطمنا به ففوجئنا وأُصبنا بالدهشة وفتحنا عيوننا، بكل ما هو جميل وطفولي وحنون وناصع وقاسٍ وشاسع، وبما لم نتخيل وجوده يوماً، لكننا قبِلنا وحملنا معنا ومشينا.

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة البيان

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التجربة عشب الطريق التجربة عشب الطريق



GMT 21:27 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 21:21 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

المرأة ونظرية المتبرجة تستاهل

GMT 21:17 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

«تكوين»

GMT 21:10 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

هل يعاقب فيفا إسرائيل أم يكون «فيفى»؟!

GMT 21:06 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

العالم عند مفترق طرق

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates