«حليب أسود»

«حليب أسود»!!

«حليب أسود»!!

 صوت الإمارات -

«حليب أسود»

عائشة سلطان
عائشة سلطان

في التابو، أو المحظور أو المسكوت عنه، هناك الكثير مما يتعلق بشؤون النساء في علاقتهن بأحوالهن العائلية والعاطفية وفي علاقتهن بالرجل، أو فيما يطرأ عليهن من تحولات وتغيرات، أو أطوار تدرجهن في الوعي واستيعاب ما يجري لهن أو عليهن.

وهناك كثير غير ذلك مما لا يسمح لمعظم هؤلاء النساء في مجتمعات الشرق تحديداً بالبوح عنه أو الشكوى أو التعبير عنه ببساطة وبصوت عالٍ، فتظل المرأة لسنوات طويلة تسمع عبارات وإشارات التأنيب والأمر بأن تسكت ولا تقترب من تلك المنطقة، منطقة البوح، فذلك يجعلها غير مقبولة ومستهجنة ويمكن أن تنعت بالكثير من النعوت الجارحة، فتفضل أن تخفي صوتها وتقمع المرأة الأخرى الواقعة تحت ضغط أعباء لا تحصى مفضلة الرضا الذي يمنحه المحيط على جوهر الراحة والانعتاق في التعبير!

هذا تحديداً ما أرادت أليف شفاق قوله من خلال كتابها «حليب أسود»، الذي سجلت فيه الكاتبة تجربة صعبة جداً مرت بها بعد إنجابها طفلتها الأولى، حين وجدت نفسها عاجزة أمام ذاتها المبدعة كروائية، فهي غير قادرة على إنتاج الكلمات والكتابة، وعاجزة أمام أمومتها لأنها غير قادرة على إنتاج الحليب وإرضاع طفلتها، فقد وقعت في عمق اكتئاب ما بعد الولادة، دون أن تعرف كيف تنقذ نفسها!

جدتها لأمها، امرأة لطيفة وغفيرة بالخرافات كما تصفها أليف، قالت لها بعد أن شاهدتها تبكي لأسابيع (طفلتي العزيزة عليك أن تستجمعي قواك، ألا تعرفين بأن كل دمعة تذرفها الأم الجديدة تجعل حليبها أكثر حموضة؟) تقول: لم أكن أعرف ذلك، لم تكن لدي أية معلومات حول ما يمكن أن تمر به أم جديدة بعد ولادة أول طفل لها، لم أكن أعرف سوى تلك الصورة المشعة بالفرح عن أم مبتسمة بوهن تستقبل مولودها بامتنان!

في الحقيقة، الأمر ليس كذلك، فملايين النساء يقعن فرائس اكتئاب ما بعد الولادة، ويكن في أمس الحاجة للدعم والمساندة، لأنهن مررن بكثير من المشاق والمعاناة وذرفن الكثير من دموع الألم وفقدن الكثير من قواهن، هن لم يصبحن أمهات بضغطة زر، بل وهناً على وهن، لكن الجميع يؤنبهن حين يقدمن على الشكوى ناظرين لهن باعتبارهن جاحدات!!

حليب أسود، ليس مجرد رحلة في اكتئاب ما بعد الولادة، لكنه تجربة وعي لما يمكن أن يحدث للمرأة حين تقف عاجزة أمام طفولتها وأمام إبداعها فتتصارع فيها الذات المبدعة مع الأنثى الأم، مع الإنسانة المحرومة من اجتياز حاجز التابو الاجتماعي الذي يعيب عليها حقها في الشكوى والتعبير!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حليب أسود» «حليب أسود»



GMT 19:26 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

وما هي إلّا... امرأة!

GMT 19:26 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

وما هي إلّا... امرأة!

GMT 20:56 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

عام الوعي.. والامتنان

GMT 16:29 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الرجولة.. قرار

GMT 14:49 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

خميسيات

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates