بقلم : عائشة سلطان
في كتاب «لا تعشقي كاتباً أبداً» لمحمد عدنان، يحاول المؤلف أن يقدم لقارئه خلاصة اطلاعه على حكايات الحب والزواج في حياة عدد من الكُتاب الكبار أمثال: تولستوي، ديستويفسكي، كافكا، وغيرهم، بالإضافة للمواقف والحالات المتعبة التي تمر بها حياة الكُتاب، فهؤلاء الذين يقدمون لنا متعة القراءة عبر قصصهم ورواياتهم، فيصفون تفاصيل المواقف، ويسطرون أعذب عبارات الوجد، ويعالجون بعبقرية الخيال التي يمتلكونها أعتى خلافات العشاق، فشل كثيرون منهم في بلوغ تلك الحياة الحالمة التي ضمنوها رواياتهم الخالدة!
لم تكن حياة كافكا سهلة أبداً، فالمرض وأحوال العالم في تلك السنوات الصعبة، ومعاناته كيهودي في فترة الحرب العالمية، وتقلبات مزاجه كخاطب أبدي لم يصل إلى بر الأمان مع أيٍّ من خطيباته، لكنها حولته إلى ذلك المحب السوداوي البائس الذي لم ينل حظاً من سعادة لطالما تمناها. لذلك فحياة الكُتَّاب ليست مثالية كما يكتبونها، بل هي طافحة بالآلام أحياناً وبالقرارات التي تبدو لنا جائرة، كما حدث مع الشاعر الكبير نيرودا، وتولستوي، وديستويفسكي.
إن الكتابة عن الحب لا تعكس بالضرورة الحياة العاطفية للكاتب، تماماً كما لا تعبر قصائد الحب بالضرورة عن علاقات عاطفية حقيقية للشاعر، فالروائي والشاعر تراودهما أحلام كثيرة، ويتمنيان أن يعيشا واقعاً مغايراً عن واقعهما الحقيقي، ومن هذه المنطقة تحديداً تنبثق الأعمال الجميلة التي نقرؤها.
أما الحكم على الكُتاب والشعراء -كما على أي إنسان عادي آخر- من خلال رسائلهم العاطفية التي كتبوها وهم في حالة من الهشاشة المتناهية والضعف الإنساني المعلوم بالضرورة في مثل هذه الأحوال، فلا يجوز اتخاذها منطلقاً لأحكام أخلاقية؛ لأننا لا نعلم الكثير من دوافع القرارات والمواقف والكلمات التي تفوّهوا لها، فحين قرر تولستوي أن يهجر زوجته بعد 47 عاماً كانت له دوافعه وأسبابه التي لا يعلمها إلا رجل بلغ به العمر والحكمة ذلك المبلغ.