بقلم - عائشة سلطان
محاولتك تجاهل شخص ما أو مشكلة معينة أو واقع ماثل أمامك، لا يعني بأية حال أنه سيختفي أو يتلاشى أو ينعدم وجوده، فقط لأنك تنكره أو لا تعترف بوجوده أو لا تريده، فالأشخاص والأشياء والتحديات وكل ما حولنا، موجود بذاته وبشكل منفصل عنك، لا تنتظر قبولك ولا اعترافك بها وهي حتماً ستبقى كما هي، ما لم تذهب إليها وتواجهها وتغيرها إن استطعت، أو تتصالح معها إن كان تغييرها غير متاح، لكن ما سيفاجئك هو أنك إن بقيت ترفضها، مع عدم قدرتك على تغييرها، فلن يكون أمامك سوى أن تتغير أنت، وإلا فلتحاول أن تنظر لها بشكل آخر كي تقبلها أو تتقبلها، وإلا فغادر!!
لا شيء يتغير لأجلك لأنك لا تريده أو لا تقبله كما هو، فصديقك لن يتغير لأنك لا تحب (س أو ص) من تصرفاته، نحن نختار أصدقاءنا لأسباب مختلفة ليس من بينها أن نعيد تشكيلهم أو أن نربّيهم من جديد، نحن نختارهم ونقبلهم كما هم كما قبلونا هم على كل ما فينا، فنحن لسنا أشخاصاً مكتملين أو بلا عيوب. السعي إلى المثالية واحدة من ورطاتنا الوجودية في هذه الحياة، ونحن نعاني كثيراً جراء هذه الورطة، وفي كل مرة يوقعنا سعينا إلى أن نكون مثاليين في مآزق وخسائر مختلفة، نعزم على تلافيها لاحقاً، إلا أننا نعود فنقع في الخطأ ذاته مجدداً!
في بعض الأحيان حين تتعقد الأمور، وتصبح قدرتك على الحل معدومة، فما عليك سوى أن تشغل نفسك بنفسك عن الاشتغال بالآخرين، ليس اعتزالاً ولا هروباً منهم، ولكن هروباً من إضاعة وقتك وتبذير قوى جسدك وأعصابك في صراع أو في معارك بلا جدوى، حاول أن تقوي أدواتك الخاصة في مواجهة حياة معاصرة تحتاجنا أن نكون أقوياء لاحتمالها: مارس الرياضة باستمرار، تعلم لغة جديدة، اقرأ كثيراً، صل أصدقاءك وحصّن روحك بهم، سافر إن استطعت إلى السفر سبيلاً.
افعل ما تحب، تعلم أشياء جديدة كنت قد أجلتها منذ سنوات بعيدة (كأن تباشر دراسات عليا، أو دراسات تخصصية، أو تعلم مهارات فنية بشكل ممنهج وعلمي) لكن لا تهدر قواك ولا تضيع وقتك في معارك مجانية مع طواحين الهواء، فلا نتائج لهذه المعارك إلا المزيد من الأوهام!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن جريدة البيان