بقلم - عائشة سلطان
الالتزام تجاه العلاقة هو المبدأ الأول الذي تتأسس عليه العلاقات المستمرة، التي تثبت وتبقى حتى نهاية المطاف، أي حتى نهاية العمر، سواء كان ذلك في الزواج أو الصداقة أو الحب، والالتزام هو قيمة أخلاقية يمتاز بها البعض ولا يعرفها البعض الآخر، هو نوع من التربية داخل المنزل وتدريب النفس على القيام بواجبات محددة تجاه شخص محدد أو علاقة معينة وبشكل ثابت يستلزم المداومة وعدم التخلف عن أداء ما عليه، إن الأصدقاء والأزواج محكومون بهذا الالتزام بسبب ما تفرضه عليهم العلاقة والعشرة والحياة الطويلة معاً.
أما الصحبة أو المودة، فهي المبدأ الثاني الذي يجعل العلاقات تستمر مهما طال الزمن، وبهت بريق الحب، فبعد مرور السنوات لا تعود حرارة الحب هي الفيصل الذي يقرر الاستمرار أو الانفصال، فحين ينظر الشريكان إلى الوراء يجدان سجلاً هائلاً من الذكريات والتجارب والمواقف الصعبة واللحظات الحميمة التي عاشاها معاً وعرفا بعضهما فيها أكثر، وتيقنا من صحة ذلك القرار الذي اتخذاه حين ارتبطا أو اقترنا أو قررا أن يكونا أصدقاء.
إن الذين يجلسون في منتصف الرحلة أو في نهايتها ليتساءلوا أين ذهب ذلك الحب الذي كان يملأ القلوب والحياة؟ يجيبهم (كفافيس) الشاعر اليوناني الذي عاش في الإسكندرية وتوفي فيها عام 1933، يقول لهم لا يذهب الحب ولا يختفي، إنه ككل تلك الخبرات والخيرات والمباهج والمكاسب التي عشناها وكسبناها ونحن نعبر طرقات الحياة وبحارها لنصل إلى (إيثاكا) جزيرة راحتنا الأخيرة، تلك الجزيرة التي يسعى لها الجميع لينعموا بالحكمة التي حصلوا عليها، والتي سترافقهم حتى آخر يوم.
الصحبة واحدة من مباهج الحياة التي ستعوضنا عن كل ما قد نفقده أو نفتقده في جزيرة إيثاكا وهي الحكمة التي ستظللنا في نهاية المطاف!