دفاعاً عن الحرية والدين

دفاعاً عن الحرية والدين

دفاعاً عن الحرية والدين

 صوت الإمارات -

دفاعاً عن الحرية والدين

عائشة سلطان

إزاء الحرية التي ظلت حلماً في عالمنا، والحريات التي يتلاعب بها الحمقى من مدعي الدين وتجار السياسة، تصبح المطالبة بقوانين رادعة لكل هذا العبث والمتاجرة بعقول الناس أمراً لا بد منه، فليس هناك فرق بين الرصاصة التي تغتال الجسد والرصاصة التي تغتال الحرية، حرية التفكير!

لقد كتب ابن خلدون في مقدمته الشهيرة: «أن الإنسان كائن اجتماعي بالفطرة»، ولو قُدّر له أن يعيش في أيامنا هذه لكتب أن الإنسان كائن عدواني، الحرب أساس بقائه وحيويته مع الأسف! وأن هذا التقدم التقني زاد من عدوانيته وتوحشه! وأن استراتيجيات ومظاهر توظيف الدين كمطية لبلوغ أهداف السيطرة والتوسع تكشف بجلاء عن حقيقة ومدى هذا التوحش، ومن المؤسف أن يسمى خدام هذه الاستراتيجيات رجال دين وعلماء، والدين منهم براء!

إن للعلماء والفقهاء والمفكرين حق احترام الاعتراف بفضلهم وعلمهم، لا احترام التسليم بعصمتهم، وبالتالي المشي وراء دعوات بعضهم التخريبية، هناك فرق كبير بين الاثنين.

مسألة التسليم بالرأي المعصوم الذي لا يناقش ولا يراجع تتعارض أولاً مع المنطق، وتتعارض ثانياً مع قواعد التفكير الحر والمنهج العلمي، وتتعارض قبل هذا وذاك مع أصول الدين الذي لم يمنح العصمة إلا لأنبياء الله ورسله فيما يبلغّونه عن الله من وحي، لذلك فالتقديس الذي سقط فيه ملايين من المسلمين عبر عصور - مع الأسف - حيال آراء ورموز وأسماء كثيرة، قادهم إلى التخلف والضيق والخراب، ووضع الشوارع العربية اليوم بعضها في مواجهة بعض، فشاعت لهذا السبب ثقافة التكفير والتخوين والإخراج من الملة لأتفه خلاف ولأبسط تباين في وجهات النظر، وهو ما قادنا إلى هذا الواقع المزري الذي تتخبط فيه وتعاني منه الأمرّين معظم المجتمعات العربية!

إن المتاجرين بالدين، أو الذين يوظفون الدين لخدمة مصالحهم، أو مصالح جماعات ينتمون إليها، أو لخدمة مخططات كبرى عالمية أو مشروعات تخريبية أحياناً، تناسبهم وتخدمهم وتسهّل أمر تفشي مخططاتهم هذه التبعية العمياء، وقبل التبعية الجهل المطلق، وقبل الجهل الاستلاب وضعف الشخصية وتغييب الفكر والمنطق من قِبل الأتباع والمريدين، وقبل ذلك الكفر بحرية التفكير والرأي والنقد، ولهذا فإن الذين يفجرون أنفسهم بالأحزمة الناسفة ويفخخون السيارات لقتل الأبرياء، ويحشدون الطلاب في أعمال التخريب والفوضى ضد الناس والدولة والمجتمع، يفعلون ذلك عن جهل وحماقة، وبسبب تغييب الوعي والعقل تماماً، ولغلبة المصلحة والانتصار لمذهب أو حزب أو طائفة!

لو قُدّر لابن خلدون أن يكتب مقدمته في زماننا هذا، لكتب أن الإنسان كائن مستلب دينياً، ولا ينقذه سوى فهم الدين النقي، وفق منهج خالص من الشوائب وصراعات المصالح!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاعاً عن الحرية والدين دفاعاً عن الحرية والدين



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 08:02 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

جورج وسوف يستقبل أحد مواهب"The Voice Kids" فى منزله

GMT 02:49 2017 الجمعة ,06 تشرين الأول / أكتوبر

وصفة صينية الخضار والدجاج المحمّرة في الفرن

GMT 14:30 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

صغير الزرافة يتصدى لهجوم الأسد ويضربه على رأسه

GMT 10:56 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

إذاعيون يغالبون كورونا

GMT 12:44 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

الريدز ومحمد صلاح في أجواء احتفالية بـ"عيد الميلاد"

GMT 07:32 2019 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

نيمار يقود باريس سان جيرمان ضد نانت في الدوري الفرنسي

GMT 00:59 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اتيكيت تصرفات وأناقة الرجل
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates