هكذا تعلمنا القراءة في تلك الأيام

هكذا تعلمنا القراءة في تلك الأيام!

هكذا تعلمنا القراءة في تلك الأيام!

 صوت الإمارات -

هكذا تعلمنا القراءة في تلك الأيام

عائشة سلطان

كانت الأشياء المتاحة للعبنا وعبثنا وتمرير أوقات طفولتنا الطويلة قليلة جداً حد الشح، لا شيء نشتريه من السوق، وكأطفال لا أتذكر أننا ذهبنا إلى السوق إلا بعد دخولنا المدرسة بزمن، كنا نلعب بما تيسر، بما هو متاح، نلعب مع الطبيعة، مع البحر ورمال الشاطئ، ندور في متاهات الريح كذئاب البراري، نطارد كلاب الأزقة، نصطاد السمك حين يمكننا سرقة أدوات صيد من حوزة أحدهم، نصنع قوارب من علب معدنية تستخدم كعبوات لزيت الطهي تأتي من إيران أو الهند.

وكنا أحياناً نتسلل في غفلة من عيون جداتنا وأمهاتنا إلى سوق «السبخة»، حيث تباع الحيوانات ومختلف البضائع.. كنا بذلك نتجاوز الخط الأحمر لتعاليم الكبار، بينما نظن نحن أننا نخطو خارج حدود الوصاية، وباتجاه المعرفة وأحلام الحرية.

حين دخلنا المدرسة الابتدائية، قالت لنا معلمة اللغة العربية، وكانت مصرية لطيفة جداً اسمها دنيا، إن علينا أن نقرأ كتباً أخرى ليست مما توزعها علينا مسؤولة مخزن المدرسة، قصصاً تحكي عن السندريللا والأقزام السبعة والأمير المحبوس في جسد الضفدع والساحرة الشريرة التي حولت الأمراء إلى طيور بجع، وعن صلاح الدين وخالد بن الوليد وأديسون وشجرة الدر

و... وكنا نفتح عيوننا على اتساع الدهشة وننتظر هذه الكتب، وحين قررت المدرسة أن تحتفل بعيد الأم للمرة الأولى، أخذني خالي رحمة الله عليه من يدي إلى سوق دبي، ومشينا طويلاً متنقلين من محل إلى آخر وسط الازدحام وأضواء النيون الباهرة لننتقي هدية قررت أن أهديها للمعلمة دنيا، لأنها فتحت لي دنيا من الكتب والقراءة والوعي ما كنت سأعرفها لولاها!

اليوم حين يسألونني كيف تعلمت القراءة؟ وكيف أحببت الكتب منذ الصغر، أقول لأننا لم يكن لدينا أشياء كثيرة نلعب بها، كان التلفاز يفتح لمدة بسيطة، ثم يغلق عند منتصف الليل، وكانت فقرة الأطفال لا تتجاوز نصف ساعة رسوم كارتون، فكان البحر والشاطئ والكتاب ألعاباً خضراء بهية كبهاء ذلك العمر، (كانت معظم القصص من إصدارات المكتبة الخضراء)، وكانت أمي تستمع بابتهاج لصغيرتها وهي تقرأ عليها القصص، لم تكن أمهاتنا يقرأن لنا كما أطفال اليوم، لكننا كنا في أوج الفرح والرضا!

أنا أقرأ حفظاً لعهد معلمتي الأولى ولبهجة أمي التي عودتني على القراءة بل وفرضتها عليّ عندما كنت صغيرة كواجب يومي كان يحرمني من اللعب خارج المنزل كباقي أطفال الحي، وأقرأ حين أجد الوقت بصحبة الكتاب أكثر متعة، وأقرأ لأنني كاتبة إن لم أقرأ سأجف كشجرة ليمون لم ترو جيداً، وأقرأ لأنني أحب القراءة وأعشق الكتب، لأنها نوافذ كبيرة مفتوحة على فضاء واسع، إذا وقفتُ قبالتها ينتابني شعور حقيقي بأنني طائر، أو بأنني غيمة على وشك أن تمطر!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هكذا تعلمنا القراءة في تلك الأيام هكذا تعلمنا القراءة في تلك الأيام



GMT 19:41 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أزمات إقليمية جديدة

GMT 19:23 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

قيصر روسيا... غمزات من فالداي

GMT 19:19 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

المفهوم الايراني للانتخابات... والعراق ولبنان

GMT 19:14 2021 الأربعاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة مناخية ملهمة للعالم

GMT 23:17 2021 الخميس ,10 حزيران / يونيو

ظهورُ الشيوعيّةِ في لبنان

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 09:22 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 13:28 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حذرة خلال هذا الشهر

GMT 21:40 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 08:30 2019 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة تحضير بان كيك دايت شوفان سهل ومفيد

GMT 14:47 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

فيفي عبده تردّ على منتقدي شكل حواجبها مع رامز جلال

GMT 18:22 2015 السبت ,06 حزيران / يونيو

صدور "حكومة الوفد الأخيرة 1950-1952" لنجوى إسماعيل

GMT 08:05 2015 السبت ,12 كانون الأول / ديسمبر

فلسطين ومفارقات حقوق الإنسان

GMT 08:09 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

"بيجو" تحذر من انها لن تتراجع عن اغلاق مصنع لها

GMT 15:07 2017 الإثنين ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أردنية تُنشئ مجموعة إلكترونية لتشجيع المرأة على النجاح

GMT 19:43 2020 الجمعة ,11 أيلول / سبتمبر

زلزال بقوة 4.3 درجة يضرب جزر الكوريل في شرق روسيا

GMT 07:51 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنيه المصري يرتفع أمام الدولار بنسبة 10.3% منذ بداية 2019

GMT 14:09 2019 الإثنين ,21 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تعود لإحياء الحفلات في مصر وتلتقي بجمهورها

GMT 10:49 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

"تويوتا" تعدل أحدث نموذج من سيارتها التي يعشقها الملايين

GMT 06:15 2019 الأحد ,14 إبريل / نيسان

هاني سلامة يفقد الذاكرة في مُسلسله الجديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates