بقلم - عائشة سلطان
يحلو للبعض أحياناً أن يفسر تصرفاتك بأنها نوع من الهروب، ويحلو لك أيضاً أن تجادله، وتجتهد بكل ما لديك من منطق، لتثبت له خطأ ما ذهب إليه، فأنت لا تنام ولا تسافر ولا تصمت، ولا تكتئب هروباً من النكد اليومي، الذي تعيشه بسبب قيود «كورونا» وأخبارها، أو بسبب ضغوطات ومتطلبات الأسرة، أو تعليم الأبناء عن بعد، والأعطال المفاجئة في المنزل، لذلك تبتسم وكأنك حكيم زمانك، وبهدوء تقول له: (هذه أمور عادية يمر بها كل الناس، ولا تستدعي الهروب لا بالنوم ولا بمغادرة المنزل، ولا بافتعال مشكلة مع الزوج أو الأولاد..)، وطبعاً أنت تكذب، وتعرف تماماً أنك تكذب، وأنك بالفعل تحتاج تحت تراكم هذه الضغوط لأن تهرب ليس للنوم فقط، وإنما لآخر العالم لولا.. «كورونا»! لكنك نكاية بصديقك المحلل تنكر ذلك نكراناً مبيناً!
مع هذا النوع من الناس لا داعي للتفسير أو التبرير، فأنت تسافر لأنك شخص تحب السفر وكفى، وتنام لأن النوم يجعلك تستعيد هدوءك وصفاء مزاجك، وتخرج بعيداً عن أسرتك، لتتنفس هواء مختلفاً تحت سماوات أخرى، ذلك ليس هروباً أبداً، وإن كان فهو هروب مشروع!
هناك كثيرات وكثيرون يحاولون إطفاء بهجتك بأمور هي من حقك، وهم يفعلونها دون أن يسألهم أو يعترض عليهم أحد، لكنك إذا فعلتها تغلغلوا في دماغك، ليوحوا إليك بأنك تعاني من خلل ما، إذا نمت فأنت مكتئب، إذا سافرت فأنت تهرب، وإذا ترفعت عن الصراعات التافهة فأنت محبط.
أنت لا تريد أن تضيع وقتك؟ لا بأس، قل له: نعم أنا أهرب وأستريح، وأعتبر الهروب حقاً إنسانياً مشروعاً، يمكن للإنسان أن يمارسه طالما لا يضر به أحداً من الناس، لكن لا تدافع عن هروبك!