بقلم : عائشة سلطان
على امتداد أيام العمر، التي تمنحنا إياها الحياة، لا نتوقف عن أشياء كثيرة: كالتحرك سعياً للمكانة، والبحث عن الحب والأمان، وبناء العلاقات الإنسانية، اللجوء إلى استنتاجات كثيرة، ليست جميعها صحيحة بطبيعة الحال، لأنها بنيت على تفكير غير صحيح، وعليه، فإن اتخاذ أي مواقف في هذه الحالة، لن يقود لنتيجة صحيحة، وبالتأكيد ستشكل صدمة متوقعة!
لنعُد لمقال البارحة، فعندما ذهب إيميليو، أستاذ الرياضيات الذي تحدثنا عنه، يبحث عن حبيبته في كل مكان، سائقاً سيارته لساعات، ليطرق أبواب المستشفيات والبيوت التي من المحتمل أن تكون فيها، فإنه كان يفعل ذلك، بناء على تفكير بعيد تماماً عن أي منطق!
فمارغريتا التي يبحث عنها، ستكون بعد كل هذه السنوات امرأة عجوزاً في مثل سنه، وباستخدام الأرقام والنسب التي يبرع فيها، فإن احتمال إصابتها بالألزهايمر كبيرة جداً، وهو أمر متوقع، لكن الرجل في أعماقه، إنما كان يبحث عن نقطة ضوء في نفق أيامه، التي غدت مظلمة، بعد أن فقد زوجته، وتقاعد من العمل، وفي النهاية بدأت ذاكرته تتفلت منه نحو ثقب أسود، فماذا وكيف يفترض به أن بتصرف؟.
إننا، وبقدر ما نرتب مواقف فارقة في حياتنا، بناء على تفكير واستنتاجات غير دقيقة، فإننا نظلم أنفسنا والآخرين دون تثبت: إننا نعاتب بعضنا بحدة، ونوجه كلمات قاسية، ونغضب، وقد نقاطع بعضنا، بناء على نصف الحقيقة، وربما بعض الحقيقة، ودون أن نتثبت من ظروف الآخرين، أو نذهب عميقاً لنعرف ماذا حدث على وجه الدقة! وحين نعرف، يكون وقت إعادة الأمور إلى نصابها قد أصبح متأخراً، كقطارات ما بعد منتصف الليل، باردة وموحشة جداً!!