بقلم : عائشة سلطان
أفضل الكتب هي تلك التي نقرؤها حتى الصفحة الأخيرة، وبكثير من الاستمتاع، وحين نشارف على الانتهاء تكون عاطفةٌ ما قد تأسست بيننا وبين عوالمها، وأفكارها، وشخوصها، بقدر ما انفصلنا عن كاتبها تماماً، بحيث لم يعد يعنينا كيف يبدو، وبأي لغة يتحدث، إلى أي دين يتبع، وكيف كانت أخلاقه، وعلاقته بعائلته..
إن البحث في الحياة الخاصة للكاتب نوع من الفضول المدمر، لا يقود لغير الشعور بالنفور، والاستعلاء الوعظي المثير للرثاء حين يجلس أحدنا لتوجيه الاتهامات للكاتب في ختام القراءة، فنحاكم أفكار الكتاب بناء على مجريات حياته الخاصة، متناسين أن هناك فرقاً بين هذا الفعل، وفعل النقد والتأويل والتفكيك.
إن التلصص من خلال الثقوب على حياة الكاتب الخاصة، لا يفعل شيئاً سوى أنه يقلب عاطفتنا تجاه كُتَّاب لطالما أحببنا تلك العوالم المدهشة التي أخذونا بأيدينا كأطفال وأدخلونا إليها كما دخلت «أليس» إلى بلاد العجائب!
فهل نظن أن هذا التلصص يُعيننا على تأمل أعمق وقراءة أفضل؟ الحقيقة أن أي كتاب هو حمّال أوجه، يمكن أن يقرأه كل منا بحسب أدواته وثقافته وعدة التفكيك التي يمتلكها، دون أن يكون لأخلاق الكاتب أو انتمائه أي علاقة بالأمر، علينا أن نتحرر من ثقافة الأحكام المسبقة قدر المستطاع لنستمتع بقراءة معرفية وجمالية حقيقية.
إن هذا التحرر يمكننا من النظر للقراءة كطريق أصيل للمعرفة والوعي، وأن اختيارنا لهذا الطريق يبعدنا عن الكراهية والسخرية والاستعلاء، كما يضمن لنا أن نكون متفهمين ومنفتحين ومن ثم متسامحين.
إن التسامح الذي يتيح لنا أن نذهب لأي نص بحرية، يضمن لأي كاتب أن يمتلك فكرته وطريقة التعبير عنها.