بقلم : عائشة سلطان
تقنيات ووسائل ومواقع التواصل على الإنترنت، مجرد أدوات لا أكثر، أدوات اخترعها الإنسان ليستخدمها لما اخترعها له، أما ما يتعلق بقضايا الخير والشر، الخطأ والصواب، فتلك أحكام قيمية أو أخلاقية، يفترض أن يضبطها ويبت فيها القانون المختص، ففي حين تتفاوت آراء الناس في تحديد معنى الخطأ والصواب يقوم القانون بضبط ذلك كله بما يحفظ حقوق الجميع!
في دول الغرب يعتبر القانون هو المعيار الذي تم وضعه أو تشريعه لخدمة الناس وحفظ حقوقهم، فكل ما يمس أو يتعدى على حريات وحقوق الآخرين يعتبر خطأ يجرمه القانون، وفي دول الغرب - ليس مدحاً ولا افتتاناً لكنه الحق الذي يجب الاعتراف به - فإن أي إنسان يعرف حقوقه جيداً ويعرف واجباته أيضاً ويعرف على وجه الدقة ماذا يعني إخلاله بالقانون وما الذي يجب عليه أن يفعله إذا تجاوز أي شخص عليه أو على حقوقه.
المعرفة والوعي بحقوق الإنسان قضية في منتهى الأهمية في عصر الثورة التقنية التي نعيش جميعاً تجلياتها وتطبيقاتها كل لحظة عبر وسائل وتطبيقات ومواقع التواصل، فكلنا متواجدون في هذا الفضاء الرحب، وبلا شك فإننا نتعرض للانتهاكات المستمرة، وللأسف فإن سكان الشرق الأوسط هم أقل من غيرهم اهتماماً بحقوقهم في هذا الفضاء، وهم حتماً أكثر من غيرهم جهلاً ولا مبالاة بها!
لذلك نتعرض لانتهاك صفحاتنا، تزوير حساباتنا الشخصية، إشراكك رغماً عنك في مئات الرسائل والتغريدات والتدوينات المسيئة للآخرين أو التافهة أو التي تهتم بأمور لا تدخل ضمن اهتماماتك، أو تلك التي تروج لإشاعات مغرضة أو أحاديث دينية موضوعة أو تبث الكراهية وتروج للطائفية والسخرية من الآخرين، من دون أن ينسى البعض التطاول عليك ونعتك أو اتهامك أحياناً بمختلف التهم.
هذا الابتلاء الذي يقذف في وجوه الكثيرين كل يوم دفع البعض للعزوف عن مواقع التواصل، ودفع بالبعض لرفع قضايا أمام المحاكم لم نعرف مصيرها، بينما الآخرون يتجاهلون ويمضون وهذا هو الخطأ الذي لا يبرر، لكن من الذي يمكنه متابعة كل هذا التدفق اللامحدود والركض باتجاه المحاكم كل يوم! إنه واحد من إشكالات عصر ثورة المعرفة والتكنولوجيا!