بقلم _ عائشة سلطان
توقفت بنا السيارة عند إشارة المرور تماماً، تلفتت صديقتي يميناً ويساراً تقرأ أسماء المحلات ولوحات الإعلانات، فقرأت بصوت عالٍ: صالون.. للعناية بجمال الرجال! وقهقهت عالياً، وأطلقت أكثر العبارات تهكماً على الرجال الذين يرتادون هذه الصالونات، ويحرصون على الاهتمام بجمالهم إلى الدرجة التي جعلت بعضهم يعلنون بشكل صريح عن أشهر منتجات التجميل التي يستخدمونها.
إن الفضاء الحر والمفتوح بقدر ما منحنا حرية التعبير وأطلعنا على الجديد والمفيد، إلا أنه جلب لنا أفكاراً غريبة لا تمت لبيئتنا، إضافة إلى أن هناك دائماً من يلهث خلف الاختلاف، وأننا من المستحيل أن نجعل الناس كلهم نسخة واحدة في السلوك والتوجه والمعتقد، والأمر ليس حكراً على قضية الاختلال في معايير الجمال والرجولة فقط، ولكن في كل شيء تقريباً، فنحن نعيش عصر اختلال المعايير والتصنيفات.
لم يكن السعي للجمال يوماً عيباً أو مشكلة، المشكلة حين يبحث أحدهم عن هذا الجمال ليكون شبيهاً للآخرين حتى وإن لم يناسبه هذا الشكل الذي سعى إليه، فلماذا وكيف انفجر هذا الهوس، حتى صارت كل الفتيات متشابهات في شكل العيون والحواجب والأنف والشفاه المنفوخة والأجساد المنحوتة، و... إلخ، والأمر كذلك بالنسبة للشباب؟
لماذا علينا أن نكون جميعاً كنجمات ونجوم السينما، فهؤلاء يعتاشون بتغيير أشكالهم وبعمليات التجميل، لا يعيشون حياة طبيعية كما نعيش، إنهم تحت الضغط ومطالب الأضواء دائماً، لذلك يقعون فريسة الاكتئاب والإدمان والأمراض والعلاقات غير المستقرة، لماذا علينا أن نسعى لهذا الخراب النفسي، بينما نحن نتمتع حقيقة بما لا يمكنهم الحصول عليه: الحياة العادية والبسيطة؟