بقلم : عائشة سلطان
عندما يقول لك أحدهم: طيب، وما نهاية هذه الكتب التي تقرؤونها؟ فتحار بم ترد عليه، أو كيف تقنعه بفضيلة عدم انتظار الفائدة دائماً ومن كل شيء، لكن الروائية ألف شافاق تسعفك بالإجابة حين تقذف لك بجملة عظيمة كطوق نجاة، حيث تقول: «لا توجد علامة مضيئة في نهاية الكتب تؤشر لكلمة النهاية، وعندما أقرأ كتاباً فإنني لا أشعر بأنني قد أكملت أي شيء، ولهذا أبدأ كتاباً آخر!».
جاءت هذه الفقرة في روايتها «لقيطة إسطنبول» التي كادت تودي بها إلى السجن باعتبار أن ما جاء في الرواية تعريض مسيء بالتاريخ الوطني التركي، لأن شافاق في الرواية تطرقت بشكل صريح ومباشر للمسألة الأرمنية التي يتهم فيها الأرمن الأتراك بارتكاب مذابح مرعبة بحقهم زمن التوسعات العثمانية، وهو ما لا تعترف به تركيا جملة وتفصيلاً!
هذه الاستفاضة في «المسألة الأرمنية» جاءت مقصودة تماماً، وليست مجرد تداعيات استدعتها مصادفة ذاكرة كاتب! إن الروح الكامنة في حكاية الأرمن تشكل صلب الإجابة عن السؤال الذي جاء في المقدمة، صحيح أنه لا توجد نهاية لأي كتاب، فكل كتاب تنهيه يقودك للتالي الذي تبدأ به، لكن السائل يبحث عن الهدف، عن هدف القراءة؟ أو بماذا تفيدنا القراءة؟
البحث عن الحقيقة أحد أهم أهداف القراءة، فإن لم تكن كل الحقيقة فبعضها على الأقل، التكامل ليس في أن الكتاب الأول يقود للثاني وهكذا، ولكن في أن قراءة الرواية تقودك للتاريخ، والتاريخ يلقيك في خضم السياسة، وهذه توقفك طويلاً أمام بوابات الجغرافيا، وخرائط الجغرافيا تفتح عينيك على شواهد الحضارات والإبداع والذاكرة الإنسانية.. وهكذا، لهذا لا نهاية للقراءة أبداً طالما كنت مؤمناً بالحقيقة.