بقلم : عائشة سلطان
منذ عدة أيام تلقيت دعوة لحضور حفل إطلاق المجموعة الكاملة للأديب الإماراتي علي أبو الريش، نظمته دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، تحت عنوان «رواد بيننا»، وأظنه لن يكون الأخير ولن يتوقف الاحتفاء عند كاتبنا الجميل المفتون باللغة، بل سيمتد سلسلة متصلة تشمل كل الرواد والمبدعين الذين يعيشون بيننا وقد حملوا منذ سنوات طويلة مفتاح البدايات وولجوا بوابات كانت عصيّة جداً، لكنهم اقتحموها متهيبين تهيُّب المغامر الشغوف الباحث عن الحقيقة والأسرار خلف مجاهيل اللغة والشعر والسرد وعوالم الأدب والثقافة.
هؤلاء المبدعون في كل أوطاننا العربية يعيشون كشموع الكنائس، نذوراً للخير، وأنواراً للطرقات، يعبرون الضفاف كأضواء الفجر من ضفة لأخرى، يتأملون ويكتبون ويقولون ما لا يجرؤ غيرهم على قوله بذاك الجمال الأخَّاذ وتلك الحدة الصارمة التي لا تشبهها سوى حدة نصل يلتمع في ليل غريب ومخاتل.
هؤلاء الشعراء والكُتاب والروائيون وجامعو التراث والمترجمون والمشتغلون بجمع الذاكرة والتراث الشعبي وأساطير البحر والبر، هؤلاء الذين منذ السبعينيات وقبلها وهم يقصّون أثر الكلام والذاكرة والشعر والحكايا لماذا لا نكرمهم أحياء وهم بيننا؟
لماذا ننتظر حتى يغادرونا لنقيم لهم سرادقات العزاء والتأبين، ونفتش عن مناقبهم وسيرهم لنصوغ لهم أجمل الكلمات كي نضعها أكاليل اعتراف على أشجارهم التي ذبلت؟ لماذا لا نفعل ذلك في حياتهم فنجنّبهم غصّة الإهمال؟ أي سُنَّة سيئة تلك التي تمنعنا من الاعتراف بهم في حياتهم؟ أي سلوك غير متحضر وغير منطقي؟
الجميع يسأل: لماذا لا يحتفي المكان بأبنائه كما يليق بهم إلا بعد رحيلهم؟ هذه الأسئلة هي ما قادت الإخوة في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي لمبادرة الاحتفاء بالرواد الذين بيننا، بجمع إبداعاتهم، بطباعتها، توزيعها، ترجمتها، وقبل ذلك وضعهم في المكانة التي تليق بهم، لأن مثقفينا أولى.