بقلم : عائشة سلطان
كانت ولا تزال وستظل أيقونة الحياة، ورمزها، حاضنة الثقافة والمحافظة على القيم، المربية والمنتمية، زارعة الجذور والمضحية لأجلها، إنها المرأة التي في كل مسيرتها لم تكن إلا مصباحاً وبوصلة وجسراً وقصيدة، لم تكن إلا منارة وهداية وقبلة وطريقاً وحباً سلسبيلا، إنها المرأة التي تقول الأرقام والإحصاءات والكتاب والنقاد إنها الأكثر اهتماماً بالثقافة والمعرفة والفن والأحلام، لأنها مذ خلقت كانت مهمتها الحفاظ على الحياة وتلوينها ودفعها للأمام، فكانت دوماً الصوت العالي جداً في وجه الحروب والرصاص والاغتيالات والقتل والإبادة، كانت دائماً صاحبة مشروع الحياة في مقابل مشروع الهدم والردم والنسيان والاجتثاث!
تأكيداً على ذلك جاءت محاضرة د. رفيعة غباش في صالون بحر الثقافة ضمن فعاليات معرض أبوظبي للكتاب، ومن خلال استعراض مسيرتها في تأسيس متحف المرأة في دبي، محاولة حثيثة منها لحفظ تاريخ المرأة الإماراتية، وتوثيق منجزاتها، وإعلاء صوتها وصورتها، وجعل المركز منصة ومرجعية للباحثين والمهتمين والدارسين، ولكل الأجيال الشابة الباحثة في هويتها والراغبة في التنقيب عن جذورها والاعتزاز بهذه الجذور في تربة صعبة متداخلة متعولمة كادت لقوة الفسيفساء الذي تتكون منه أن تنسي الجميع ملامح وجوههم ونبرة صوتهم والاعتزاز بأثواب أمهاتهم وبراقعهم الجميلة!
إلى متحف المرأة أخذت غباش جميع الحضور في رحلة تجلٍ نورانية إلى أيام قديمة وسنوات بعيدة كانت فيها النساء يقلن الشعر ويتعلمن وهن صغيرات جنباً إلى جنب مع الصبيان وحتى عندما رحلن في طلب العلم بعيداً في عواصم الدنيا، كن يدافعن عن الوطن ويحاربن الغزاة ويقتلن المحتل ويمتن فداء للوطن، أخذتهن إلى زمن التعلم والتعليم في بداياته، البناء والتعمير في أولياته، أخذتهن إلى اللون والضوء والجمال في ثياب النساء وفي قصائدهن وجميع شؤونهن، فكانت رحلة من أجمل الرحلات!
المرأة حاضنة الثقافة وموصلتها، ولابد من التركيز على ذلك تعليماً وإعلاماً وتربية ومناهج، فبدون المرأة لا شيء حقيقي، وبدون الأم لا شيء مكتمل وصحيح، الأم هي من ينقل الحياة إلى الأجيال، هي من يضخ الاعتزاز ومن يعلم الحب والهوية والانتماء، لا تفعل المربيات ذلك ولا المساعدات ولا الأجنبيات ففاقد الشيء لا يعطيه أبداً، علينا أن نهتم بالمرأة ونعدها ونعتز بها ونعتز ونعلي دورها لأنها الأمانة والضمانة والقوة الآمنة والناعمة ووزارة الأمن القومي الحقيقي للبلد، المرأة الإماراتية المتسلسلة من عمق رحم هذا الوطن والمعتزة والعارفة لكل تاريخه وتفاصيله!