بقلم : عائشة سلطان
هل سمعتم باسم الكاتب البريطاني هربرت جورج ويلز؟ ربما سمع به بعضكم، إنه أحد الروائيين الكبار الذين ولدوا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر (1866) ولقد أثرى المشهد الروائي بما يزيد على 30 عملاً قيماً، الأمر الذي رشحه لجائزة نوبل لأربع مرات متتالية، ورغم ذلك غادر الدنيا عام 1946 في خضم الحرب الكونية الثانية من دون أن يحظى بها، بينما حظينا نحن بأدب رفيع.
قصته «بلد العميان»، تحمل من الدلالات ما يجعلها واحدة من أهم ما كتب الرجل، وهي نفسها القصة التي بنى عليها الروائي البرتغالي ساراماجو روايته الشهيرة «العمى» وبها نال جائزة نوبل، بالرغم من أن القصة قدمت الفكرة بأعلى مستوى من الرمزية والتكثيف والتركيز، فقال صاحبها كل شيء في أقل من 30 صفحة، وأما الرواية، على عظمتها، فقد أنهكتها التفاصيل والمراوحة حول فكرة غياب الحرية التي جعلها ساراماجو معادلة لفكرة العمى فقاربت الرواية الـ400 صفحة.
في «بلد العميان» يفاجئنا الكاتب بوجود وادٍ معزول بَيْن الجِبال، يصاب جميع سكانه بالعمى، ما يتسبب في فقدان الناس أبصارهم شيئاً فشيئاً، إلى أنْ يأتي عليهم زمن لا يكون فيه مبصر واحِد، وتصبح كلمة «الإبصار»، بعيدة عن فهم هؤلاء الناس، كما يصبح واديهم البعيد عن عالم البشر هو الكون بالنسبة إليهم، ولا شيء سواه.
ذات يوم تلقي الأقدار برجل مبصر من متسلقي الجبال إلى وادي العمْيان ذلك، وتبدأ الصراعات والمفارقات، وتنبثق الفكرة على رؤية واسعة بامتداد النص، طارحةً أسئلة في غاية الخطورة حول حرية الخيار، والإيمان والحب والتضحية والأولويات، فمن المبصر؟ ومن الأعمى؟ ومن يرى الحقيقة: الفرد أم القطيع؟ هذه الأسئلة لا تولدها سوى روايات الفكرة العميقة.