ولا زلنا نخاف من الكلام المكتوب

ولا زلنا نخاف من الكلام المكتوب!

ولا زلنا نخاف من الكلام المكتوب!

 صوت الإمارات -

ولا زلنا نخاف من الكلام المكتوب

بقلم : عائشة سلطان

الدول الثيوقراطية قديماً وحديثاً، الإمبراطوريات العظمي ابتداءً بروما وانتهاء بأميركا مروراً بروسيا، كلها وعبر التاريخ وقفت في حرب شرسة في مواجهة أصحاب الكلام، أصحاب القصائد، وأصحاب الكتب التي قالت ما لا يجب أن يُقال، في الشعر، والدين، والفلسفة، والمنطق، والأدب، والنقد، والرواية و... إلخ، وما أكثرهم، وما أصغر الأعذار التي قيلت لإفنائهم واغتيال أفكارهم وكلماتهم!

فإذا طلب مني أحدكم أن أعدد له أمثلة فسيحلو لي حتماً اختبار قوة ذاكرتي واستدعاء تلك الأسماء التي حين أتلفظ بها فإنني أشعر بكثير من التباهي والفرح، ولن أخفيكم سراً إن قلت إن تلك الأسماء تجعلني أبتسم وأنا أتذكرها، لماذا؟ لأنه ما من إنسان يعد ثروته ولا يبتسم فرحاً، لذلك فحين أشير إليهم وأنا مغمضة العينين، بيني وبينهم مئات وعشرات السنين والأحداث، أشعر بأنني شخص وقف الحظ إلى جانبه فعلاً!

لقد أتاحت لي الحياة أن أتعرّف وأعرف كل هؤلاء العظام، على أفكارهم، وإنتاجهم وسير حياتهم، والممرات التي سارت فيها حياتهم، والطرقات التي عبروها ليفرّوا أو ليختبئوا أو ليذهبوا إلى حتفهم الأخير، وحده الذي أطلق الرصاصة عليهم بقي مجهولاً، وحده الذي حرس سجنهم وعذّبهم بقي مجهولاً، ووحده الذي جمع الكتب ومزّقها وأحرقها لم يكن معروفاً، وهذا هو العقاب الأقسى، فحتى في موتهم اغتالوا حياة من اغتالهم وانتزعوا خلودهم من براثن الرصاصة!

بعد تاريخ طويل، تعبت كل دول العالم، واجهت خوفها وجبنها أمام اغتيال العلماء والأدباء والشعراء والفلاسفة، تبرّأت من ذلك التاريخ وضعته في المتاحف في خانة عصور الانحطاط والظلام، لتذكّر نفسها بخطاياها فتخجل وتخترع كفارات لذاك الإثم، ولتذكّر أجيالها فتتعلم الدرس ولا تكرره، لذلك فإننا اليوم لا نسمع عن مصادرة كتابٍ ولا مطاردة مفكّر ولا إهدار دم عالم أو أديب، إلا حيث يعشش فكر الإقصائيين، الأحاديي التفكير والرؤى، الذين لا يرون الحياة سوى طريقٍ واحد لا يقود إلا إلى جنة ونار يوزعونهما هم كما يريدون!

لا يزال العالم العربي بمعظمه يشكل الأمة الوحيدة المحكومة والمشدودة لإرثها الثقيل في مواجهة حرية التفكير، هذه الأمة التي لا يزال بعضها يخاف من رواية، ومن قصة قصيرة، ومن إعلان، وأغنية وفيلم، ولوحة وصورة، ويرى في كل ذلك إعلان حرب كونية ستدمر وجوده وأجياله، فإذا كانت رواية ستدمره فإن بقاءه واستمراره يصبح مشكوكاً فيه ما لم يتدارك وجوده!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ولا زلنا نخاف من الكلام المكتوب ولا زلنا نخاف من الكلام المكتوب



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 02:40 2025 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

أخطاء شائعة تؤثر على دقة قياس ضغط الدم في المنزل

GMT 13:33 2017 الأحد ,24 أيلول / سبتمبر

مقتل صحافية أميركية وأمها السورية في تركيا

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 07:44 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يرغب في تخطي عقبة مضيفه باريس سان جيرمان الأربعاء

GMT 21:53 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

فائدة النعناع لعلاج احتقان الانف والتهابات

GMT 00:26 2020 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

توقيف زوج الفنانة نانسي عجرم بعد قتله لصا مسلحا

GMT 06:46 2019 الأربعاء ,10 إبريل / نيسان

غسل الشعر بواسطة البلسم فقط

GMT 15:28 2018 الأربعاء ,25 تموز / يوليو

الفساتين الصيفية" لإطلالة شاطئ مشرقة وأنيقة"

GMT 06:03 2014 الثلاثاء ,19 آب / أغسطس

افتتاح معرض كاريكاتير "نرسم لغزة" في رام الله

GMT 05:42 2015 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحذية المدببة تتربع على عرش موضة الربيع لموسم 2016
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates