كيف ترى حياتك

كيف ترى حياتك !

كيف ترى حياتك !

 صوت الإمارات -

كيف ترى حياتك

بقلم : عائشة سلطان

هل تستطيع أن ترسم شكل الحياة التي تعيشها؟ يبدو لكم السؤال مباغتاً ربما، فحتى لو وعينا شكل الحياة التي نحياها بتفصيلاتها المعتادة والسمجة، وخطوطها العريضة المفروضة والمقدّرة، فإنه يبدو صعباً أن نرسم شكل حياة كاملة هكذا ببساطة، لكن ذلك الشاب الذي خضع للتجربة فعلها، فقد تناول الورقة والقلم، وشرع يرسم بثبات شكل حياته التي يعيشها!

فماذا رسم؟ رسم علبة كبيرة بداخلها علبة أصغر فأصغر وهكذا! وحين طلبوا منه أن يشرح ذلك، قال لهم: المنزل المغلق علبة مقفلة علينا، حين نخرج منها فإننا لا نتحرك سوى بضع خطوات، لندخل علبة أخرى هي السيارة مثلاً، ثم نغادرها لعلبة أخرى هي مؤسسة العمل، ونعود لعلبة السيارة، لنغادرها لعلبة كبيرة هي المركز التجاري.. وهكذا، تتحول الحياة في بعض المجتمعات إلى مجرد علب مغلقة على أصحابها، وهنا قد يحيلنا مفهوم العلبة لشكل الحياة، وقد يحيلنا إلى مضمونها أو معناها الكبير!

إن أغلب الناس لا يتحركون خارج هذه العلب وهم، لاعتيادهم عليها، لا يجدون في الأمر أي خلل، في حين أن هذا النوع من الحياة، يمكنه أن يفقد الإنسان الكثير من احتياجاته العميقة من دون أن ينتبه في أحيان كثيرة، فيتحول الأمر إلى اعتياد يلغي الضروري والإنساني، تماماً كأولئك الذين يسكنون على مقربة من المطارات، ويعتادون على ضجيج الطائرات، ثم لا يعودون يشعرون به!

في المدينة، نحن نعتاد السرعة حتى يصير الهدوء مدعاة للسخرية، كما نعتاد اللهاث والاهتمام بالقشور وتباعد المسافات بين الناس والاكتفاء بالعلاقات الافتراضية، والإغراق في الاستهلاك وارتداء الأقنعة. وفي بعض المدن لا يتخيل أحدنا مقدار اللامبالاة التي تحكم حياة الإنسان الذي يعتقد أحياناً بأنه كائن بلا قيمة وبلا أهمية وبأنه يعيش خارج حقل إنسانيته!

انتبهت إلى أن تجربة التسوّق خارج علب المراكز التجارية الضخمة في مدينة كفلورنسا، التي كنت أزورها منذ فترة، تجربة جميلة منحتني الكثير من خفة الحركة والبهجة، فالتنقل من حانوت لآخر عبر أرصفة متقاربة مع الكثير من البشر أمر إنساني يوفر لك فرصة سماع أصوات الجميع بشكل مباشر وحركة طبيعية، كما يمنحك فرصة رؤية الآخرين بدل عبورهم بالسيارات سريعاً وكأنهم غير مرئيين، كذلك العيش داخل بيوت بأفنية تطل على حياة الشارع أو على البحر مثلاً، تنظر من خلالها مباشرة فترى السماء في كامل بهائها وزرقتها أو حتى عتمتها واكفهرارها أمراً في غاية الإنسانية لا توفّره لك الأمكنة المعلّبة!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف ترى حياتك كيف ترى حياتك



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates