بقلم : عائشة سلطان
في رواية «الندبة» للأمريكي بروس لاوري، وردت هذه العبارة على لسان بطل الرواية الطفل (جيف) المصاب بندبة ولد بها وصنعت تالياً حياته بكل عذاباتها وأحزانها وانحرافاتها كذلك، يقول جيف: «لصديقي ويلي أيضاً ندبته، غير أن الفرق بين ندبته وندبتي أن ندبته لا تُرى». وويلي فتى مغرم بجمع الطوابع وقد حرم من والده وعانى هذا الحرمان!
إن هذا العالم الذي نعيش فيه يمتلئ بأصحاب مختلفين، حتى أنه يمكننا القول إن الاختلاف هو القاعدة وليس الاتفاق أو التشابه، لقد خلق الله الناس مختلفين ليختبروا قدرتهم على احتمال بعضهم بعضاً، فهم محشورون في كوكب متباين الظروف وعليهم أن يعمروه ليعيشوا فيه إلى ما شاء الله، ولكي يعمروه فإن عليهم أن يمدوا جسوراً من التعاون والتقارب لأجل البناء والعمران، لذا عليهم أن يغضوا الطرف تماماً عن اختلافاتهم، بل على العكس عليهم لإنجاح مهمتهم القدرية أن يعترفوا بهذه الاختلافات وأن يحترموها!
نحن البشر موصومون بالنقص، ليس هناك كمال مطلق في البشر، لكن المشكلة أننا نرى ندب الآخرين، ولا نرى ندبتنا، مع أنه ما من مخلوق مبرأ من خلل أو «ندبة» ما سواء كانت ظاهرة أو مختبئة في طيات نفسه، يداريها عن الآخرين مظهراً القوة والكمال ليتمكن من الحياة كما يريد بقوة وعنفوان!
إلا أن تلك الندبة الكامنة في داخل البعض لا شك تؤرقهم بين الحين والحين فيعمدون للخلاص منها بالتسلط على الآخرين أحياناً أو بالكذب أحياناً أو بالعنف أو التنمر الذي يوجهونه على الآخرين حولهم، وأحياناً على مقربين منهم دون أن ينتبهوا جيداً لأفعالهم، وحين يندمون يكون الوقت قد فات، تماماً مثلما حدث مع جيف الذي عانى من ندبته فأفرغ أزمته على صديقه وسرقه كفعل انتقامي وكأنه ينتقم من الجميع في شخص صديقه المقرب!