بقلم : عائشة سلطان
بدا الرجل الطاعن في السن نافد الصبر وهو يقف في صف الانتظار، ضمن مجموعة من المسافرين المغادرين مطار (أسوان) الدولي إلى القاهرة في رحلة داخلية لن تستغرق أكثر من ساعة وربع الساعة، لكن الرجل كان ينوء بحمل خمس وثمانين عاماً ومهمات طبية جسيمة يسافر للقيام بها إلى أقصى بلدان صعيد مصر التزاماً منه بواجبه الإنساني تجاه فقراء وأطفال بلده، ومع ذلك فقد كان يقف في طوابير الجموع ينتظر الطائرة التي تأخرت كثيراً عن موعد إقلاعها!
بعد ساعة وربع، حطت طائرة الخطوط المصرية في مطار القاهرة، ووقف ركابها ينتظرون حقائبهم التي تأخر وصولها كثيراً، ووقف الرجل الثمانيني، متململاً ونافد الصبر مجدداً ينظر إلى ساعته، ويتأمل رجل الأمن طالباً مساعدته، ذهبت امرأة إلى الشاب طالبة منه مساعدة الرجل، فهو ليس أي رجل، قالت له هذا إنسان مهم، يقدم خدمات جليلة، وقته من ذهب، ولا بد من تسهيل سفره وحركته فهذا رجل يتمنى العالم خدمته ومع ذلك، قالت له، انظر إليه إنه يقف ببساطة كأي مسافر رغم انشغالاته والتزاماته!
انتظر الرجل مثلنا حتى جاءت الحقائب، تسلم حقيبته الزرقاء الصغيرة وخرج متثاقلاً من المطار، ربما ليسافر إلى دبي! لكنني حتماً لم أتوقع أنني سأراه قريباً!
حين فتحت التلفزيون مساء الخميس كان ذلك الرجل يتسلم من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي وشاح العمل الإنساني، وتبرعاً بمبلغ 360 مليون جنيه، نعم لقد كان ذلك الرجل هو البروفيسور السير مجدي يعقوب، مؤسس سلسلة «الأمل» في المملكة المتحدة عام 1995، التي هي مؤسسةٌ طبيةٌ خيرية تهدف إلى مساعدة الأطفال الذين يعانون من أمراضٍ قلبيةٍ خطيرة تهدد حياتهم.