الكاتب الصوت والمنصة

الكاتب.. الصوت والمنصة!

الكاتب.. الصوت والمنصة!

 صوت الإمارات -

الكاتب الصوت والمنصة

بقلم : عائشة سلطان

يتوقف الكاتب عن الكتابة كفعل مباشر مرئي، يتوقف -هذا إذا توقف- عن صنعة الكتابة اليومية، عن حياكة القماشة الكبيرة، عن نسج المعطف الوثير الذي يحيكه كل يوم ليلقيه على كتف العالم ثم يمضي هو وحيداً أو عارياً إلا من نفسه وفكرته، يتوقف حين تتجمّد أصابعه من البرد أو من خيالات تلوح في أفق النهار، توحي له بما ليس موجوداً، يتوقف لكنه لا يذهب بعيداً، فهو إذ يتوقف فلكي ينتظر حافلة تقلّه إلى حيث لا شيء يقف متجمّداً، إلى حيث يضج كل شيء بالحياة والأصوات!

لماذا علينا أن نتوقف أحياناً؟ لنكسر رتابة السرديات الكبرى التي لقنونا إياها، تلك التي تتحدث عن اللازم والضروري، والواجب، واللابد وكل شيء يحولك إلى «شيء» ككل الأشياء، شيء عليه أن يفعل، وعليه أن لا يفعل، وبين الاثنين قطيع كبير مطأطئ الرأس يبحلق كله في شاشات بلّورية، ويمضي إلى حتفه برضا، هو يتوقف كي يقفز خارج القطيع ليمنحه فرصة العبور ناقصاً «كاتب» فبعض الجموع من الأفضل للكاتب ألا يندسّ فيها، وأن يقف على ضفة الرصيف كعازفي الأرصفة المتسكعين، يقف ليعزف لحن خلوده الخاص!

لا بأس ونحن نتوقف أن نقرأ، بل يجب ألا نتوقف عن القراءة فرئة الكاتب نصفها كتابة وكلها قراءة وكتب وهواء، ولهذا فنحن إذا لم نكتب نكون في قلب الكتب، نقرأ حتى لنظننا غرقنا في بحار من الأفكار والحيوات والعناوين، يصير الكاتب هذا هو العالم، ونصير كجزيرة تحدّها الكلمات من جميع الجهات.

فنرى كل شيء مختلفاً، الناس، القضايا المطروحة، الأحاديث المتداولة، ثرثرة الإعلام الحديث، مرور الوقت، تلاميذ المدارس، الكتب، العشب النابت بين مفاصل الصخر، وحتى خيوط الجراحة التي يضمّد بها الطبيب جرحك الذي انفتح في قدمك اليمنى حين دست صباحاً على زجاج الكأس المكسور أسفل سريرك!

بعد هذا التوقف نعود، لنحفر في عروق الواقع، في كل ما يحيط بنا، في أنفسنا وفي الآخرين، فيما يهمنا ويهمهم، في كل ما يعبرنا ونعبره ويمر بنا ومن خلالنا، نكتب فيه وعنه وحوله؛ لأننا صوته، ألسنا الكُتاب الذين قال فيهم الكاتب اللبناني في جريدة النهار (نبيل خوري) ذات يوم: «نحن صوت من لا صوت له، نحن الذين نقول لا، حين لا يستطيع غيرنا أن يقولها»، نحن منصة البسطاء الذين يريدون أن يوصلوا صوتهم ومخاوفهم ووساوسهم وأحلامهم وطموحاتهم إلى كف الأيام علّها تغدق عليهم بالاستجابة.

لكن، وبشكل مباغت، ونحن نمارس هذا الدور، نسأل: ولكن ماذا عنا نحن؟ من يكون صوتنا ومنصتنا والكف التي تغدق علينا بالاستجابة؟

نقلا عن البيان
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكاتب الصوت والمنصة الكاتب الصوت والمنصة



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 21:14 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 18:45 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 11:33 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الميزان الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 16:51 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

اضيفي اجواءًا جريئة ومشرقة على جدران المنزل

GMT 20:37 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

مطعم ياباني يقدم وجبات لحوم البشر بـ 20 ألف جنيه

GMT 17:53 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

ندوة لمناقشة رواية "منتصر" في مكتبة "البلد"

GMT 04:12 2020 السبت ,09 أيار / مايو

برشلونة يقترب من حسم صفقة نجم يوفنتوس

GMT 11:39 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كيت ميدلتون توضح تفاصيل اللقاء الأول مع الأمير وليام

GMT 04:07 2019 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

انتقادات قوية لرئيس بريشيا الإيطالي بسبب بالوتيلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates