كيف حالك يا جاري

كيف حالك يا جاري؟

كيف حالك يا جاري؟

 صوت الإمارات -

كيف حالك يا جاري

بقلم : عائشة سلطان

اختلف مفهوم الجيرة كثيراً هذه الأيام، وطبعاً اختلف الجيران، كثير من جيران اليوم تعرف أنهم يسكنون في البيت المقابل لبيتك، لكنك لا تعرف من هم على وجه التحديد، لا تعرف أحياناً ملامح وجوههم، ولا أسماءهم، ولا عدد أطفالهم، لا تدري إن كانت ربة المنزل تعمل أم لا؟ أين يشتغل زوجها، لا زالت فيه أم أنها غادرت إلى بيت أهلها؟

أنت لا تعرفهم لأنك باختصار شديد لا تراهم عادة، لا حين يخرجون إلى وظائفهم مبكراً، ولا حين يعودون مساء، كما أنك لا تسمع صراخ أطفالهم، كل ما تعرفه أن لديهم خادمة سيريلانكية تطرق بابك بين وقت وآخر لأسباب مختلفة!!

هذه صورة حقيقية لطبيعة الجيرة والجيران في أحيائنا السكنية، فمعظم العلاقات التي تسود حالياً بين الجيران في الأحياء المختلفة تعتمد نمط علاقات وسلوكيات لم يعتدها مجتمعنا، فالجدات والأمهات، ما زلن يمارسن حياة ما قبل التحولات الجذرية التي حدثت لمجتمع الإمارات، هن لا يزلن منجذبات لتلك الأيام التي يعدّ فيها التواصل اليومي بين الجيران طقساً ضرورياً ودليل حيوية وعافية ونبل أخلاق، وتدين، على اعتبار أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، أوصى بالجار، والجار قبل الدار، وعادة ما كنا نرى جدتي تمعن في التودد إلى جيراننا الذين يقطنون المنزل المقابل لمنزلنا، وحين نسألها لماذا؟ تقول إنهم جيران القبلة.

اليوم لا يخرج الناس من قصورهم ومنازلهم الفخمة والشاهقة التي تشبه الحصون، لقد تمترسوا خلف الأسوار مع جموع من الخدم والخادمات الفلبينيات والإثيوبيات، حتى يبدو عدد الخدم في أحيان كثيرة ضعف عدد سكان المنزل، لم يعد التزاور طقساً حياتياً في الأحياء السكنية، لم تعد ترى امرأة تمشي من بيتها لبيت جارتها سعياً للتواصل والثرثرة وكسر الملل وبحثاً عن ألفة التواصل، فإذا حدث وشاهدت واحدة تمشي بين الأحياء فلا بد أن تكون سيدة كبيرة السن ما زالت تعتقد أن للجار حقاً، وأن الزيارة ضرورة اجتماعية، وأنها الحصانة النفسية الأولى ضد أمراض الوحدة والاكتئاب والعزلة في البيوت الشاهقة.

كنت وما زلت أعتقد، مثل جدتي، أننا فرّطنا في هذه الفريضة الاجتماعية -التزاور-، لقد فرطنا بسبب الإهمال واللامبالاة حيناً، ولظروف العمل والانشغالات أحياناً، وتحت وطأة ظروف التحولات والتنقلات التي حكمت حياتنا الاجتماعية حين اضطر كثيرون إلى الانتقال عبر عدة منازل، ما جعلهم -تدريجياً- يفقدون جيرانهم الذين اعتادوا الحياة معهم، وبفقد الجيران القدماء فشل الكثيرون في تأسيس علاقات جيرة عميقة ومتجذرة وحميمة، ما أدى إلى انكفاء هؤلاء داخل بيوتهم والاكتفاء بالتواصل مع المقربين من الأهل والأبناء أو الجيران القدماء عبر الهاتف أو الزيارات المتقطعة وعلى فترات متباعدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف حالك يا جاري كيف حالك يا جاري



GMT 20:33 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

ثنائيات الفرجة والحياة

GMT 21:34 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

ليس سهلاً أن تخلق قارئاً

GMT 20:30 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

المرأة.. ليست شيئاً!

GMT 20:36 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

اللغز

GMT 18:57 2021 الثلاثاء ,06 إبريل / نيسان

إيقاف «الملك»!

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 08:23 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 20:55 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير الهجرة الكندي يؤكد أن بلاده بحاجة ماسة للمهاجرين

GMT 08:24 2016 الأحد ,28 شباط / فبراير

3 وجهات سياحيّة لملاقاة الدببة

GMT 03:37 2015 الإثنين ,08 حزيران / يونيو

عسر القراءة نتيجة سوء تواصل بين منطقتين في الدماغ

GMT 22:45 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

استمتع بتجربة مُميزة داخل فندق الثلج الكندي

GMT 02:49 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

ليال عبود تعلن عن مقاضاتها لأبو طلال وتلفزيون الجديد

GMT 04:52 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

"هيئة الكتاب" تحدد خطوط السرفيس المتجهة للمعرض

GMT 04:47 2018 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

شادي يفوز بكأس بطولة الاتحاد لقفز الحواجز

GMT 18:39 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أجمل الأماكن حول العالم للاستمتاع بشهر العسل

GMT 17:16 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

وعد البحري تؤكّد استعدادها لطرح 5 أغاني خليجية قريبًا

GMT 05:14 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

إيرباص A321neo تتأهب لتشغيل رحلات بعيدة المدى
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates