بقلم - عائشة سلطان
سادت في السنوات القليلة الماضية موجة عالية من المقولات والحوارات التي تردد صداها في قاعات كثيرة ومحاضرات وورش تدريبية على امتداد مدن الخليج وربما بعض الدول العربية، حول البرمجة العصبية وتطوير الذات، وليس لدي أدنى شك في أن عدداً ممن يقرأ هذا المقال قد انضم لواحدة من هذه الورش أو اقتنى كتاباً في هذا المجال.
جميل أن نطلع ونستفيد مما لدى غيرنا، فالإنسان ميَّال بطبعه للتطور ومعرفة ذاته وهو أمر محمود، لولا أن الظواهر عندنا غالباً ما تبدأ بشكل هادئ وعلمي، ثم سرعان ما يتهافت الجميع فيخرجونها من سياقها الطبيعي، لتتحول إلى ظاهرة ترويجية تجارية تشبه الزَّبد الذي لا منفعة حقيقية له، كثير من الضوضاء وقليل من المعنى والفائدة!
لقد عملت بعض هذه الكتب أو المحاضرات على ترويج فكرة قبول الإنسان بنفسه على كل ما به من عيوب وسيئات، باعتباره حالة مشروعة من حالات حب الذات وقبولها، بغض النظر عن درجة الضرر التي يعانيها الشخص من وضعه أو شكله أو سلوكياته التي هي ذاته التي تقول أو يقول له المحاضر اقبلها كما هي دون اشتراطات!
إننا لو ناقشنا هذه الفكرة، سنجد في أحد وجوهها ميلاً أو دعوة للتدمير وليس للتطوير، فأن يقبل الإنسان بوزنه المفرط مثلاً مع كل الأضرار التي يسببها له ذلك، وأن يقبل حالة الفوضى التي يعيش فيها أو بها، وأن يتقبل أنانيته باعتبارها حباً مشروعاً للذات، ما الذي سيجنيه من وراء ذات أو جسد أو روح لا ينظر لها صاحبها بالتقدير الحقيقي ولا ينظر لها الآخرون بالإعجاب؛ لأنها تستحق ذلك فعلاً؟
لا يجوز ترويج هذه الفكرة، لأنها مدمرة ولا تقود لأي منفعة من أي نوع.