بقلم : عائشة سلطان
المحرم والمقدس والمحظور والممنوع الى آخر القائمة يختصرها في الإنجليزية مصطلح «تابو»، والتابو هو الحديث أو التعبير أو الإحساس الذي لا يسمح لك المجتمع أو العائلة أو السلطة السياسية أو الدينية بتداوله أو الخوض فيه، لأنه - من وجهة نظر السلطة - يتسبب في المساس بمقدسات ورموز وقيم لا يصح المساس بها، لأنك لو خضت فيها فإنك ستكسر تصوراً معيناً حرص هذا المجتمع لسنين طويلة على إبقائه!
تحت هذا الإشكال الكبير دارت معارك سياسية ودينية وثقافية طاحنة على امتداد العالم، ومنذ قرون طويلة وما زالت، دفع ثمنها كتاب وفلاسفة ومفكرون، وحتى السياسيون الذين يتهمون بصناعة أوهام التابو، دفعوا الثمن أحياناً. ألم يجبر الملك (إدوارد الثامن) على التنازل عن عرش بريطانيا عندما كسر (التابو) وتزوج من الليدي واليس سمبسون؟
عندما كسر الكتاب والروائيون التابوهات المقدسة في الأدب منعت كتبهم وأحرقت، بل ونفي بعضهم واتهموا بالكفر والزندقة، وقد كان هذا القانون سائداً في كثير من دول أوروبا، إضافة لذلك منعت كتب من التداول في أكثر الدول حرية كالولايات المتحدة مثلاً (منعت رواية عناقيد الغضب لجون شتاينبك) لأنها تسيء لسكان بعض الولايات مثلاً، كما منعت كتب في إسبانيا فترة الثلاثينيات لأنها تحدثت عن جريمة قتل الشاعر لوركا، وفي جنوب أفريقيا منعت روايات كسرت التابو وتحدثت عن نظام الفصل العنصري في سنوات هذا النظام والقائمة تطول!
كسر التابو لا يقصد به الحديث في المحرم الأخلاقي فقط، فمن يقرأ في قوائم الكتب المحظورة عبر التاريخ يجد أن التابو السياسي يتفوق على الديني بكثير، والسبب له علاقة بطبيعة النظام السياسي السائد، وفي هذا تحديداً تحضر روايات جورج أورويل التي منعت في الاتحاد السوڤييتي لأنها تتناول شخصية الديكتاتور (رواية 1984، ومزرعة الحيوان) وأحياناً بسبب سوء التفسير وضيق أفق الرقيب، وهذا ما تعاني منه الثقافة العربية راهناً (رواية وليمة لأعشاب البحر نموذجاً، أولاد حارتنا لنجيب محفوظ) أما أغرب الكتب التي منعت مؤخراً في لبنان تحديداً فكان رواية (شفرة دافنشي) لدان براون، والتي تحولت لفيلم سينمائي عرض في كل مكان.