بقلم - عائشة سلطان
بحساب الزمن، فإن أكثر من 2400 سنة مرت على محاكمة سقراط، عبر خلالها الإنسان على هذه الأرض وهو يحث السير باتجاه المستقبل.
وخلال هذه القرون راكمت البشرية في رحلتها الكثير من التطورات والطفرات الحضارية والتحولات، ولو أننا أردنا أن نرصد ما تحقق لهالنا ما سنجد، لأن ما تحقق أكثر من أن نعدده أو حتى نستوعب حجمه وتأثيراته.
لقد قفزنا بخفة وبمجهودات هائلة للفضاء، تجاوزنا تاريخاً من الأوبئة والحروب والكوارث، طوَّعنا الطبيعة واستفدنا من كل شيء فيها لصالحنا، لكننا لم نتردد تحت هجمة جشعنا في تدمير الطبيعة وتخريبها بشكل فاضح. هذا هو الإنسان، فهو بين حدي الجهل والجشع وقمة التكنولوجيا، لا يتوانى عن السقوط في الأنانية المطلقة.
هذا الإنسان الذي سيصل قريباً للمريخ، يقف في أرض أخرى خائفاً وعاجزاً عن المضيّ بالثبات والاندفاع اللذين يمارسهما في الاقتصاد والعلم.. إلخ، ولنتأمل:في العام 399 قبل الميلاد وقف الفيلسوف سقراط في مواجهة سلطات أثينا وشرب السُّم فعلاً، بعد أن أقام عليه ثلاثة من مواطنيه قضية اتهموه فيها بامتناعه عن عبادة آلهة المدينة واختلاق بدع دينية وإفساد شأن أثينا، ونظراً لخطورة التهم فقد طالبوا بإعدامه!
في العام 1633 أقيمت محاكمة شهيرة للعالم غاليليو، حيث دِين بشبهة الزندقة والخروج على تعاليم الكنيسة، وحُكم عليه بالإقامة الجبرية حتى وفاته.
في العام 1959 اتُّهم نجيب محفوظ بإهانة الأديان ومُنع من نشر روايته «أولاد حارتنا»، وفي عام 1995 تعرض لمحاولة اغتيال على يد شابين متطرفين لاتهامه بالكفر. أما في عام 2000 فضجت جنبات الأزهر بطلاب يطالبون بمحاكمة حيدر حيدر صاحب رواية «وليمة لأعشاب البحر»!
ليست السلطات على مر العصور وحدها من يحاصر فكر الإنسان، فبعض المثقفين يمارسون أدواراً لا تقل سوءاً!