وأن تكون ممتناً

وأن تكون ممتناً!

وأن تكون ممتناً!

 صوت الإمارات -

وأن تكون ممتناً

بقلم : عائشة سلطان

 في أول صباحاتي هنا، يبدو مزاج المدينة مختلفاً تماماً عما كان عليه حين غادرتها منذ أقل من شهر، أعبر ذات الطرقات الداخلية من الفندق الذي أسكنه إلى أحد المقاهي، حيث تُقدّم قهوة طيبة المذاق بخلاف القهوة السريعة التي تُقدّم لك في تلك المقاهي المنتشرة وسط المدينة والأسواق التجارية، تبدو جوانب الطريق ممتلئة بأكوام من أوراق الشجر، إنه فصل الخريف والطبيعة تعبّر عن نفسها كما يحلو لها!

الأوراق متكوّمة أمام مدخل المكتبة التي يظهر خلف واجهتها الزجاجية صغار يقرؤون كتباً ملونة بصحبة معلمتهم، وأمام المنطقة المفتوحة في مدخل المقهى والمطعم، وفي أماكن متفرقة من ساحة الحي، حيث يجلس الناس بصحبة أطفالهم أو كلابهم، أو يجلسون وحيدين يبحلقون في العابرين، في كل مكان تتكوّم كميات من أوراق الأشجار الجافة لم يأتِ أحد لكنسها، بينما لا يبدو المارة مستائين من تلك الأكوام التي يبعثرها الهواء في كل الاتجاهات، الناس هنا نادراً ما يُبدون استياءهم من شيء ما، يكتفون بإلقاء نظرة باردة لا يمكن قراءة مدلولها ثم يمضون! ألأنهم غير مهتمين؟ ربما! هل لأنهم لا يتذمرون؟ ذلك أمر مؤكد حسبما علمت من حديث طال بيني وبين سيدة عربية تعيش هنا منذ سنوات طويلة!

تقول تلك السيدة إنها كانت تجلس في المقهى نفسه الذي كنا نجلس فيه، تستظل بالمدخل، وفي السقف علّقت أجهزة تدفئة جيدة، بينما كان أمامها كوب قهوة طيب المذاق، والمطر ينهمر بشكل ذكّرني، كما قالت، بمواسم المطر الشديدة البرودة في بلدها، تقول إنها همست لنفسها في تلك اللحظة: «ماذا أحتاج الآن أكثر من ذلك لأكون ممتنة؟»، ثم علّقت: «فلدي بيت جيد التدفئة، وعمل يدرّ لي دخلاً يكفي احتياجاتي، وأتنقل في المكان بحرّية وأمان، لماذا علي أن أكون مستاءة من أمور تبدو تافهة أمام ما يعانيه أشخاص كثر في العالم؟!».

قالت لي: «يتعلم الإنسان هنا أن عليه أن يعرف أن كل مشكلة لها حل، وأن عليه أن يسعى ويبحث عن المخرج، وسيجده حتماً إذا اجتهد في البحث، أما التبرم والاستياء والشكوى فلا فائدة منها، يتعلم في المدرسة وضمن آليات التربية داخل الأسرة أن عليه أن يكون ممتناً لأنه لم يعانِ ما عاناه أسلافه من حروب وكوارث وأوبئة ومجاعات، ومعسكرات اعتقال وقتلى يملؤون الشوارع سنوات الحرب العالمية، إن الذين عانوا ذلك كله استبدلوا بذلك الواقع المرير واقعاً مغايراً تماماً خالياً من كل ما يمكن أن يقود إلى الحروب، ومشاعر التقدير للسلام والأمان، والعمل الحثيث لعدم السماح لتلك الكوابيس بالعودة مجدداً!».
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن البيان

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وأن تكون ممتناً وأن تكون ممتناً



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 22:24 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 19:32 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج القوس السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 11:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور حزينة خلال هذا الشهر

GMT 00:07 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على أحدث صيحات حفلات الزفاف في ربيع 2020

GMT 16:16 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إطلالات مميزة بالملابس المنقطّة تناسب الحجاب

GMT 19:49 2016 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

أبل تقر بمشكلة في هواتف "آي فون 6 إس"

GMT 21:36 2017 الخميس ,05 كانون الثاني / يناير

الشيخ سعود بن صقر القاسمي يستقبل القنصل الكندي

GMT 18:59 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ميلانيا ترامب تشجّع النساء على القيام بالأنشطة الرياضية

GMT 21:47 2020 الخميس ,13 شباط / فبراير

موديلات عباية مخصّرة تفضلها النجمات

GMT 08:04 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"نينتندو" تطلق لعبة "Mario Kart Tour" رسمياً لمنصتي "أندرويد" و"iOS"

GMT 02:24 2019 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

9 أسباب تجعلك تشرب حليب القرفة كل ليلة قبل النوم

GMT 19:53 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

أسعار الذهب في لبنان اليوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2019
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates